فاعلية ودور المرأة الليبية في مواجهة سطوة المجتمع الذكوري

حققت المرأة الليبية العديد من الإنجازات، واقتحمت مجالات كانت حكراً على الرجال، وما تزال حاضرة ومؤثرة في المجتمع الليبي

ابتسام اغفير
بنغازي ـ رغم تراجع مكاسبها بعد عام 2011 جراء الحروب وسطوة المجتمع الذكوري.
شهدت فترة الستينيات في ليبيا حركة نسوية ناشطة ومقاومة للعادات والتقاليد، تدعو بكل قوتها لتحرر المرأة وضرورة انخراطها في المجالات كافة، وإبراز دورها في المجتمع وقدرتها على التغيير نحو الأفضل، وبدأت الخطى حثيثة لزيادة فاعلية دور المرأة، وتقلدها للمناصب السيادية في الدولة والوظائف المختلفة، فاقتحمت مجال القضاء والسياسة والمجال العسكري، وأثبتت جدارتها في كل مرة تتقلد فيها منصباً رفيعاً. 
بعد عام 2011 بدأت المرأة تخسر المكاسب التي حققتها، وتراجع دورها بسبب الأوضاع الأمنية والأزمات والحروب في البلاد.  
في هذا التقرير حاولنا تسليط الضوء على مدى فاعلية دور المرأة في ليبيا، وهل هي قادرة على إحداث تغيير؟ وماهي الصعوبات التي يمكن ان تواجهها لتحقيق ذلك.
تقول رئيسة قسم التدريب والتطوير بمكتب الثقافة والإعلام ابتسام الشيخي إن للمرأة لها دور فاعل ومؤثر في المجتمع، فقد نشطت في جميع المجالات حتى نالت حقوقها وبفضلها وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، "من هذه الشخصيات والتي أعدها قدوة لي هي السيدة خديجة الجهمي وهي من أوائل الليبيات اللواتي دافعنَّ عن حقوق المرأة فهي مثال للمرأة المثابرة والطموحة". 
وتؤكد ابتسام الشيخي أنه على الرغم من الصعوبات التي تواجه المرأة حالياً إلا إنها لم تستسلم، ولازالت تتقدم في جميع المجالات سواء الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية، "بالتأكيد هي قادرة على التغيير، ولكن بدعم من الرجل لأن المجتمع الليبي مجتمع ذكوري لايزال يتمسك بالعادات والتقاليد، فإذا لم يقف الرجل إلى جانبها سيكون عليها النضال بقوة من أجل الوصول إلى ما تطمح إليه وتحقيق التغيير الذي تنشده". 
 
"المرأة الذكية هي التي تستطيع تخطي الصعوبات"
تقول محررة الأخبار في إذاعة بنغازي المحلية نورية الشريف "في الفترة الأخيرة اقتحمت المرأة الليبية جميع مجالات الحياة سواء الاقتصادية أو السياسية وكان لها دور فاعل من خلال مؤسسات المجتمع المدني، ووضعت بصمتها بجدارة في المجالات كافة".
وأكدت أن المرأة تحتاج للتشجيع "ينقص المرأة التشجيع والدعم المعنوي والمادي حتى تقدم أفضل ما لديها، والمرأة الذكية هي التي تستطيع تخطي الصعوبات من أجل أثبات ذاتها". 
بدورها تقول جليلة الدرسي مدربة متخصصة في مجال تصميم المطبوعات "دور المرأة كبير جداً من ناحية التنشئة الاجتماعية، والصحة، والعلاقات العامة، غير أنه تم تأطير هذا الدور وتحديده فهي لا تستطيع أن تكون مثل الرجل في أشياء كثيرة".
وفندت هذه المعوقات التي ما تزال تقف أمام المرأة وهي "العمل في المساء، أو لساعات متأخرة من الليل فالنساء لا يُسمح لهنَّ بالبقاء خارج المنزل بعد مغيب الشمس".
وتشير إلى أن هذه القواعد التي وضعها المجتمع تحد من عطاء المرأة، حيث أن عليها الالتزام بموعد محدد للإبداع "على الرغم من أن للمرأة أفكاراً وابداعات ودور فاعل في مختلف المجالات إلا أن سطوة العادات والتقاليد مازالت تقيدها".
وأكدت أن للمرأة الليبية دور هام في المجالات السياسية فقد تقلدت مناصب في العلاقات الدولية، وفي مجلس النواب والمجلس الرئاسي والحكومة، "أنا فخورة بهؤلاء النساء اللواتي استطعنَّ التغلب على العادات والتقاليد التي تكبلنا في مجتمع ذكوري، فالرجل يخوض حرباً ضد المرأة ويقمع أفكارها ومشاركتها المجتمعية".
إصرار المرأة وقدرتها على التحمل
مديرة العلاقات العامة بمؤسسة دعم وتشجيع الصحافة آمال بالحاج تقول إن دور المرأة في المجتمع الليبي مهم جداً، فهي متواجدة في المستشفيات، والأماكن الخدمية، ومؤسسات المجتمع المدني، وحتى في المؤسسة العسكرية، والمؤسسة السياسية، "بدون المرأة لن يكون هناك أي تطور أو نجاح في المجتمع، وهنا يقع الحمل على عاتقها بأن تتغلب على الصعوبات التي تواجهها في مسيرتها العملية تحديداً الصعوبات الأمنية، والعادات والتقاليد الاجتماعية".
الأدوار المجتمعية تلزم المرأة بإدارة المنزل وتربية الأطفال، وهو ما يعيق تقدمها وفاعليها دورها في المجتمع، وعليها تحقيق التوازن في هذه العلاقة. 
إن اصرار المرأة وتحديها وحبها للعمل وقدرتها على التحمل هو ما يدفعها الى إحداث تغيير في المجتمع، فقد كان لها دور واضح في الأزمات المتعاقبة على ليبيا منذ العام 2011 وإلى الآن، فقد ظهرت العديد من النساء واثبتنَّ وجودهنَّ في بناء السلام، والتعامل مع الأزمة من خلال منظمات المجتمع المدني وأدوارهنَّ الوظيفية المختلفة.