عبير حمدي: 2022 عام حصدت فيه المؤسسات النسوية نتاج جهودها الدؤوبة

مضى عام من العمل المتواصل على قضايا النساء لم تدخر فيه المؤسسات المعنية بذلك الملف جهداً للوصول إلى واقع أفضل لهن سواء في الملفات القديمة التي تعملن عليها على مدار أكثر من ثلاثين عاماً أو تلك التي طرأت وتفاقمت.

أسماء فتحي

القاهرة ـ شهدت مصر في العام الماضي العديد من حالات قتل الفتيات لمجرد رفضهن الانسياق وراء بعض رغبات الرجال، ولم يتوقف فيه الأمر عند ذلك الحد بل سلبت حقوق النساء بدعوات واهية وأغراض وعلل باتت بالية لا تتلاءم وأفكار المجتمع وتطوره خاصة إن كان الأمر يتعلق بممارسات عنيفة أثقلت أعباء النساء ومنها التحرش والضرب وصولاً للقتل وتبريره.

أولت المؤسسات النسوية جانباً ليس بالقليل من عملهم خلال العام الماضي لملف العنف خاصةً أنه بات حديث المجتمع والساعة وحرصوا على دعم المعنفات سواء كان نفسياً أو مادياً وتوفير سبل الحماية لهن، بل راح عدد منهم وعلى رأسهم مؤسسة قضايا المرأة المصرية يكلل مسيرته في العمل على قانون الأحوال الشخصية بإدخاله مرة ثانية للبرلمان بعد الحصول على نحو 60 توقيع بالموافقة من داخل البرلمان.

وعدد آخر من المؤسسات عمل على مواصلة الدعم القانوني ومنها مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة وعملت كذلك مؤسسة المرأة الجديدة من خلال مكاتب المساعدة الخاصة بها على تقديم الدعم للنساء خاصة القانوني منه، ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل راحت مؤسسات أخرى تعمل على الصورة الفنية للمرأة والنظر للمشاكل بعيونهن من خلال "آكت" التي اهتمت بسينما الموبايل ورفعت شعار "هي في السينما"، وواصلت المؤسسات الأخرى عملها ومنها مؤسسة "القاهرة للتنمية والقانون" خاصة ذلك المعني بالممارسات الضارة في المنظومة الصحية بعد طرحها لتطبيق "رعاية آمنة" والذي يوجه النساء نحو الأماكن الآمنة لتلقي الخدمة الطبية.

ولم يقتصر الأمر على المؤسسات النسوية التي سلط الضوء على بعضها بل عملت أيضاً المبادرات الشابة بكامل طاقتها لدعم النساء وقدمت "سوبر وومن" مبادرة نجاة التي عملت على ملف التمكين الاقتصادي للنساء وغيرها من الأفكار التي ساعدت على إفساح مجال الزخم والنقاشات في ملف المرأة متبنين عدداً من القضايا ومؤثرين فاعلين على الأحداث خاصة تلك التي تعرضت فيها الفتيات للقتل والوقوف في وجه المبررين للسلوكيات العنيفة الموجهة للنساء.

 

المؤسسات النسوية تحصد نتائج جهدها

عملت المؤسسات النسوية خلال الفترة الأخيرة على جانب ليس بالقليل من أزمات النساء وجعلتها تتصدر المشهد وجاء في مقدمتها العنف المبني على النوع الاجتماعي.

وقالت المحامية بالنقض والإدارية العليا وباحثة دكتوراه المهتمة بقضايا المرأة عبير حمدي أن "المؤسسات النسوية عملت بدأب شديد على قضية العنف ضد النساء محاولة الوصول لحلول لتلك الموجة التي تفشت مؤخراً وبشكل مخيف، كما أنهم توجهوا للعمل على إزالة المعوقات التي تقابل المرأة المصرية بشكل عام وخاصة في مجال الأحوال الشخصية بشكل خاص".

وأوضحت أن "عام 2022 يمثل حصاداً لعمل المؤسسات النسوية فقد تم خلاله تقديم قانون الأحوال الشخصية الذي لم يتم تعديله منذ عام 1920، وخلال تلك المدة "تم ترقيعه" أكثر من مرة ولكن بلا جدوى تذكر وانتهى الأمر بتقديم مقترح للقانون وعكفت السلطات أيضاً ممثلة في وزارة العدل ولجنة خبرائها على إعداد قانون أيضاً ومن المقرر أن يطرح قريباً للحوار المجتمعي".

وأكدت على أن عدد من المؤتمرات واللقاءات النقاشية التي استهدفت توعية المجتمع وتغيير نظرته للمرأة خاصة تلك المتعلقة بالعنف، تمكنت من التأثير الفعلي على أفكار المجتمع تجاه المرأة وهو الأمر الذي أسفر عن احتواء الكثير من الأزمات.

 

الختان وتزويج القاصرات

ختان الفتيات وزواج القاصرات من القضايا المحورية التي يعمل عليها المجتمع المدني منذ عشرات السنوات، لكنهما تعدان ظاهرتان متجذرتان إلى حد كبير في المجتمع وهو ما يجعل حلولها معقدة وصعبة إلى حد كبير.

وأوضحت عبير حمدي "أن المهتمين بقضايا المرأة خلال العام الماضي تمكنوا من تحقيق إنجاز في ملف الختان بعد تجريمه بل يمكن القول إن وعي المواطنين بالفعل تطور في هذا الملف وتراجعت نسبته وإن لم يكن بشكل كبير إلا أن الجميع أصبح يعلم أن الختان جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة".

وأشارت إلى أن المؤسسات النسوية لم تدخر جهداً في العمل على قضية زواج القاصرات سواء على مستوى التوعية أو المطالبات القانونية بمنع التزويج بدلاً من التوثيق لتجرم على غرار الختان، وكذلك من خلال إطلاق عشرات الحملات المناهضة لتلك الظاهرة والتي فندت تأثيراته السلبية على الفتيات والمجتمع.

 

ملف العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي

خلال العام الماضي ارتفع معدل العنف بشكل ملحوظ وهو الأمر الذي أثار غضب المهتمين بالشأن النسوي، لذا تكاتف الجميع للعمل على مناهضته سواء من خلال التوعية المجتمعية أو الحملات الإلكترونية وغيرها من أدوات الرفض ومناصرة النساء.

وأشارت عبير حمدي إلى أن "العنف ظاهرة عالمية تعاني منها أغلب البلدان ولكن المختلف في الداخل المحلي يتمثل في السعي للتكتم على تلك الممارسات خاصة إن كانت قد ارتكبت داخل الأسرة، لتدخل في إطار المسكوت عنه بدائرة التعتيم العمدية".

ولفتت إلى أن "العام الماضي يعتبر ذروة التعامل مع قضايا العنف ولم تترك نافذة تعنيف للنساء بلا كشف واشتباك لدرجة يمكن وصفها بفضح الممارسات الضارة على النساء داخل الأسرة وخارجها".

وترى عبير حمدي أن المؤسسات النسوية "لم تقم بكامل الدور المرجو منها في ملف العنف ولكنها فتحت بالفعل الطريق وأرست دعائم العمل على الملف ويجب أن تستكمله، فالعنف لم يتوقف بعد ولكن تم التوجه نحو تقنينه، وأصبح هناك خطوط للنجدة منه ويمكن لأي فتاة تتعرض له أن تستغيث".