بالحياة الكومينالية تتجاوز المرأة صمتها وتصبح صوتاً للمجتمع

تلعب المرأة دوراً فعالاً في إدارة مجتمعها بدورها ككومين في حيها أو قريتها التي لطالما سلب منها ذلك الدور عبر التاريخ.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ استطاعت المرأة في شمال وشرق سوريا من خلال مفهوم الكومين استعادة دورها الذي سلب منها منذ الأزل، لتنظم اليوم مجتمعها وحيها وقريتها وتمثل قراراتهم وآراءهم في المجالس والإدارات.

أعطت القوة الاجتماعية التي نشهدها في مناطق شمال وشرق سوريا قيمة كبيرة للحياة ورفعت من شأنها بتطبيق مفهوم الكومين الذي يندرج تحت مشروع الأمة الديمقراطية، واستطاع أن ينظم المجتمع ويقضي على مفهوم المركزية.

 

الكومين عزز دور المرأة في المجتمع

وحول هذا الموضوع، قالت عوش محمد جاسم الرئيسة المشتركة لكومين حي "الشهيد موسى الدوجي"، إن المرأة صاحبة إرادة وبإمكانها حمل أي مهمة على عاتقها وتنجح في إنجازها، سواء كان في منزلها أو بين مجتمعها وحتى عملها.

وأشارت إلى الفسحة التي منحها الكومين للمرأة "قبل أن يترسخ مفهوم الكومين في تنظيم المجتمع، لم يكن هناك أي اعتبار لرأي المرأة، ولكن الكومين الذي بدوره يضمن حقوق كلا الجنسين في تنظيم المجتمع وأخذ قرارات وطرح آراء تخدم المحيط من الأهالي الذين يمثلوهم، استعادت المرأة دورها الحقيقي في المجتمع بعد أن ارتقت لأماكن تحل فيها مشاكل مجتمعها وتلبي احتياجاتهم وتبنيهم على أسس ديمقراطية، وكسرت مفهوم بأن المرأة غير قادرة على تمثيل هويتها والتعبير عن ذاتها وإبراز دورها".

والكومين هي مجموعة من الناس في الحي أو القرية تقوم بإدارة أمورها الحياتية ومعالجة مشاكلها في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والصحية والاجتماعية والزراعية والأمنية وغيرها عبر لجان مخصصة لها، وهي الإدارة المصغرة عن الإدارة الذاتية، وتعتبر الخلية الأصغر المسؤولة عن تقديم أسهل وأسرع الطرق لخدمة الشعب وتنظيم الحياة الاجتماعية.

 

"المرأة تجاوزت صمتها وأصبحت صوتاً لمجتمعها"

بدورها قالت الرئيسة المشتركة لكومين قرية أبو قلقل زليخة سلو "يعتبر الكومين مقصد لحل مشاكل المجتمع وتوجيههم إلى الطرق الصحيحة بأساليب سليمة"، لافتةً إلى أنه "للمرأة دور بارز وفعال في الكومين، بالإضافة إلى ذلك، فالنساء تقصدن الرئيسة المشتركة للكومين لتقاسمهن مشاكلهن التي لربما غير قادرات على طرحها أمام الرجل، فوجود المرأة في الكومين ضرورة ملحة لتمثيل النساء في المجالس بالإضافة إلى مهامها في إطار واجبها ككومين مع الرئيس المشترك".

وعن التحول الذي طرأ في حياة النساء بعد تشكيل الكومين قارنت زليخة سلو واقع المرأة بعد التحرير بالسنوات التي سبقتها من حكم حكومة دمشق والجيش الحر وداعش قائلة إن "المرأة سابقاً لم يكن بمقدورها التعبير عن رأيها بينما الآن ومنذ أن تحررت مدينة منبج من داعش بات دور المرأة فعالاً، وتواجدت في الأماكن التي تحل فيها قضايا المجتمع، كما تمثل مجتمعها في أماكن صنع القرار، من المجالس المحلية والإدارات الذاتية، لتتجاوز صمتها وتصبح صوتاً لمجتمعها".

 

الكومين يساهم في تلبية خدمات المجتمع وحل قضاياه وتوعيته

من جهتها أوضحت الرئيسة المشتركة لقرية قره سجة المعروفة بالـ (السكاوية) فاطمة سليمان مفهوم الكومين وفكرته في تنظيم المجتمع "الكومين يعطي فسحة للمجتمع بأن يدير نفسه بنفسه بدأ من الأمور الخدمية إلى الأمور الاجتماعية وصولاً إلى الأمور التدريبية والتوعوية".

وبينت أن "الكومين هو حجر الأساس للإدارة الذاتية الديمقراطية وقوته المركزية، فبدون الكومينات لا تتكون المجالس، ومن هذه الناحية يعتبر الكومين القوة الأصغر تنظيمياً للشعب"، مضيفةً "الكومين يمثل المجتمع في المجلس والذي بدوره يمثل كافة الكومينات في الإدارة المدنية الديمقراطية، أي تنطلق المقترحات والآراء من القاعدة الشعبية متجهة إلى أماكن صنع القرار، لجعل هذه الآراء والمقترحات قرارات بعد دراستها، وهنا تكمن أهمية الكومين التي تعتبر العماد الأساسي لهيكلية الإدارة الذاتية".

ولفتت فاطمة سليمان إلى أنه "سابقاً كانوا الرجال المتمثلين بشيوخ العشائر ووجهاءها هم أكثر من ينشغلون بأمور ومشاكل المجتمع وكان دور المرأة مهمشاً خاصة المرأة الريفية، ولكن الآن أصبح دورها بارزاً بوجود الكومين المتمثل بلجنة الصلح والرئاسة المشتركة".

 

"الكومين ينظم المجتمع من القاعدة إلى رأس الهرم"

هاجر العلي الرئيسة المشتركة لناحية أبو قلقل تقول إن "الكومين ليس وليد اليوم بل مفهوم الحياة الكومنالية موجودة منذ بداية البشرية، وكان النظام الأمومي سائداً آنذاك أي كانت المرأة تلعب الدور الرئيسي في تنظيم أفراد الكومين وتوجيههم".

وأشارت إلى أن "الكومين يتألف من عدة لجان وفي كل لجنة تأخذ المرأة دورها الفعال وهذا ما أعطاها الإرادة القوية لإدارة أي مكان تتواجد فيه"، موضحةً أن "الكومين يعتمد النظام الديمقراطي أساساً له لأن تنظيمه يبدأ من القاعدة إلى رأس الهرم وليس العكس كما تتبعها السلطات المركزية".

وأما عن مدى تطبيق مفهوم الكومين لفتت هاجر العلي إلى أن "الكومين يطبق بنسبة 50% في مناطقنا لأنه لا يزال مفهوم جديد على مجتمعنا، ولكن بدورنا نساهم في تطبيقه بشكله الكامل لبناء مجتمع ديمقراطي يسوده المساواة بين الجنسين".