أسباب عدة ضاعفت التشوهات الجنينية وحالات الإجهاض في إدلب

ساهمت عوامل عدة في زيادة التشوهات الجنينية وحالات الإجهاض بين النازحات الحوامل في الشمال السوري

سهير الإدلبي
إدلب ـ ، نتيجة ما تمر به المنطقة من نزوح وفقر وقلة الرعاية الطبية وانعدام النظافة وقلة المياه.
تقول رهف حاج حسين (26) عاماً وهي نازحة من قرية بسقلا ومقيمة في مخيمات باريشا، أنها واجهت صعوبات كبيرة في فترة حملها جراء سكنها في مخيمات عشوائية تفتقر لأدنى مقومات الحياة.
وأوضحت "لم أزر طبيبة نسائية طيلة فترة حملي التي بلغت ثمانية أشهر، لتبدأ لدي أعراض ولادة مبكرة ليتم إسعافي إلى المستشفى لأفقد مولودي على إثرها، نتيجة هزاله وضعفه ووجود تشوهات جنينية في عموده الفقري وهو ما فسرته لي الطبيبة بإصابتي بفقر دم ونقص حاد في الفيتامينات والكالسيوم المهمة لبناء جسم الجنين بشكل جيد".
تأسف رهف حاج حسين لفقدانها جنينها الذي كانت تنتظره بفارغ الصبر ليكون الأخ الوحيد لابنها الأول البالغ من العمر ست سنوات غير أن أحلامها لم تتحقق بوفاة مولودها تاركاً حسرة في قلبها المتعب جراء ما تواجهه من ظروف إنسانية غاية في الصعوبة على حد تعبيرها.
لم تكن حالة رهف الوحيدة حيث ازدادت حالات الإجهاض والولادة المبكرة في مخيمات إدلب وبلغت مستويات خطيرة وسط ضعف العناية الصحية والمتابعة التوعوية الداعمة للحوامل.
كما فقدت عفراء الرفش (25) عاماً وهي نازحة من قرية معرشورين ومقيمة في مخيمات سرمدا العشوائية، جنينها الأول في شهرها الخامس وتقول أنها تنقل المياه باستمرار من مكان وضع الصهاريج الخاصة بالمخيم والواقعة على أطرافه إلى خيمتها التي تبعد عنها حوالي خمسون متراً، ورغم اعتيادها هذا العمل اليومي منذ نزوحها عن بلدتها غير أن الأمر لم يعد سهلاً بعد حملها وهو ما تسبب بإجهاضها وخسارتها لجنينها.
وأضافت "لا أحد يفكر فيما نمر به هنا من ظروف مأساوية، حتى المياه والغذاء لم نعد نحصل عليه إلا بشق الأنفس، باتت أجسادنا الهزيلة التي طحنتها سنوات النزوح والتشرد والعودة للحياة البدائية، غير قادرة على الحمل والإنجاب، لقد استنزفت الحرب سنوات حياتنا وأعمارنا وحرمتنا من فرصة أن نصبح أمهات ورؤية أطفال لنا ينسونا جزءاً مما مررنا به من مآسي".
لم تعد عفراء الرفش تفكر بالحمل والانجاب مرة أخرى ريثما تتحسن ظروف حياتهم إما بعودتهم لمنازلهم وقراهم التي هجروا منها أو تحسين أحوال مخيماتهم التي لم تعد تصلح للعيش على حد وصفها.
وزادت معاناة الأمهات الحوامل في مخيمات إدلب نتيجة الفقر وعدم القدرة على تأمين تكاليف المعاينات الطبية الباهظة والعلاج إضافة لعدم قدرتهن على تأمين الأدوية اللازمة لغلاء أسعارها في حال توفرها.
الطبيبة النسائية لمى جنيد (40) عاماً، لاحظت زيادة في نسبة حالات التشوهات الجنينية إضافة لزيادة ظهور أمراض نسائية لدى الكثيرات من النازحات كالالتهابات النسائية المتكررة نتيجة قلة المياه النظيفة والمعقمات.
وأرجعت زيادة نسبة نقص النمو لدى الأجنة إلى سوء تغذية الأم الحامل وإصابتها بفقر الدم ونقص المغذيات الأساسية وقلة الرعاية والمتابعة الصحية وزيادة نسبة الإجهاض جراء الخوف والرعب وعدم الاستقرار.
وأشارت إلى أن بعد المخيمات عن مراكز المدن والبلدات وافتقارها المراكز الطبية ساهم بحدوث حالات ولادة ذاتية في الخيام على أيدي غير أخصائيين ما تسبب بعسر الولادة وحالات نزيف حادة وعطالة الرحم وحالات تمزق في عنق الرحم ووفاة المواليد.
لم تكن جميع حالات الإجهاض والتشوهات الجنينية تلقائية وإنما مقصودة لدى عدد من النساء اللواتي لم يرغبن بالحمل وأردن التخلص منه نتيجة أسباب عدة أهمها سوء أوضاعهن المادية.
الصيدلانية أمل الحلاق (36) عاماً، قالت أن أكثر من خمس نساء تراجعها أسبوعياً للحصول على عقاقير مجهضة للحمل لكنها ترفض منحها لهن إلا بوجود وصفة طبية.
وأكدت أن الكثيرات يلجأن لتناول عقاقير وأعشاب طبية ويقمن بممارسات من شأنها الإسراع بعملية الإجهاض، وإن لم تنجح تلك الممارسات فهي تؤدي بشكل أو بآخر لظهور تشوهات جنينية إذ أن نسبة 30 إلى 40% بين حالات الإجهاض تتم بسبب الحمل اللاإرادي والغير مرغوب فيه.
لم تفلح محاولات روعة الحسينات (30) عاماً، بالإجهاض بعد معرفتها بحملها الأخير فهي لا ترغب به في ظل ما يواجهها من أوضاع صعبة داخل المخيم الذي تقيم فيه في دير حسان وتقول "لدي أربعة أطفال غير قادرين نحن الأهل على تأمين احتياجاتهم، زوجي يعاني البطالة منذ نزوحنا عن بلدتنا في ريف إدلب الجنوبي، وبالكاد نحصل على قوت يومنا، فكيف لنا تأمين مصاريف مولود جديد بحاجة للكثير من النفقات الإضافية التي لا طاقة لنا على تحملها".