النساء في مقدمة الفئات المتأثرة بالكوارث الكبرى والعشوائيات واقعها أسوأ

تتأثر النساء في مختلف أنحاء العالم بالكوارث خاصةً تلك الكبرى منها والتي تلقي بظلالها على سوق العمل وتحملهن أعباء مضاعفة لكونهن المسؤولات عن الأسر من جهة، ولأنهن من الفئات التي تتصدر المشهد كحائط صد مباشر في مواجهتها من جهة أخرى.

أسماء فتحي

القاهرة ـ عادة ما تدفع النساء ضريبة مختلف الأزمات الاقتصادية منها والاجتماعية وكذلك السياسية، إلا أنهن مؤخراً تحملن تبعات فاقت القدرة على التحمل خاصة أنها أودت بأرواح بعضهن، منها الكوارث الطبيعية، لذلك بات البحث عن أسباب لحل تلك المشاكل ضرورة للتقليل من أعبائها مستقبلاً.

تعد النساء في مقدمة الفئات التي تدفع فاتورة تلك الأحداث حيث لا تقع المرأة في أولوية الإنقاذ لحرصهم في المقدمة على ذويها من باقي أفراد الأسرة، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد ولكن عقب كل كارثة عادة ما تلقى الأعباء على كاهلهن فتتحملن دفع الفاتورة عقب كل أزمة ففي مصر على سبيل المثال تدفع النساء ضريبة أزمة كورونا وما تبعها من تغيرات مناخية عصفت بقطاع ليس بالقليل وتبع ذلك حالة من الغلاء تبحث كل امرأة في منزلها عن وسيلة لتجاوزها.

وتلك الكوارث جعلت البحث عن فرص عمل لشريحة من النساء غير مؤهلات لخوض معترك سوق العمل المحلي أولوية، لذلك سعت مجموعات نسوية ومؤسسات للعمل على تمكين النساء اقتصادياً لتدريبهن على مجموعة من المشاريع والحرف وربطهن بمجالات التسويق المختلفة للتعامل مع تلك الضائقة المالية التي لاحقت عدد ليس بالقليل من الأسر خلال الفترة الأخيرة.

 

الأسباب التي تجعل النساء في مقدمة المتأثرين بالأزمات الكبرى

قالت الممثلة عن مؤسسة حلوان لتنمية المجتمع "بشاير" صباح السيد إن النساء في مقدمة الفئات التي تدفع فاتورة الأزمات الكبرى العالمي منها والمحلي، لكونهن في طليعة الفئات التي تواجهن أغلب الأزمات التي قد تتعرض لها أسرهن وخاصة تلك المتعلقة مباشرة بالميزانية.

وأكدت أن السبب في ذلك يعود لثقافة المجتمع الذي جعل التفكير والموائمة والبحث عن الحلول مسؤولية النساء في الكثير من البلدان، مضيفة أنه عادة ما يتم ترسيخ مجموعة من الأفكار في ذهن المرأة منذ صغرها ومنها ضرورة تحملها في سبيل الأسرة وأنها قوام المنزل وعموده الذي يمسك بزمامه وأن عليها التضحية باحتياجاتها في سبيل إنقاذ باقي الأفراد.

وأوضحت أنها رأت عشرات الحالات لنساء تفضلن مصالح أي فرد في محيطهم عليهن لدرجة أنهن قد تضحين بأرواحهن في سبيلهم، فقطاع كبير من النساء لا يعرف عن استحقاقاته الشخصية شيء، فضلاً عن دور السلطة الأبوية وهشاشة وضعية النساء في المجتمعات مما يثقلها بأعباء التحمل ودفع الفاتورة قبل أي فرد في المجتمع ويليهم الأطفال.

 

نساء الريف المصري والقرى وضعهن الأسوأ

عادة ما تلقي الأزمات بتبعاتها على مختلف أنحاء الدول، إلا أن تلك القرى البعيدة عن المركز معاناتها أكبر خاصة فيما يتعلق بمشاعر النساء والتزاماتهن هناك، فالتمييز أكبر وبالتالي الإسقاط أعنف ومساحات العنف أوسع لذلك المرأة في الريف المصري والأماكن النائية تعاني أضعاف تلك التي تحيا بالحضر أو العاصمة.

واعتبرت صباح السيد، أن المرأة في الأماكن العشوائية والريفية وأغلب المدن البعيدة عن العاصمة تتحمل معاناة لا يمكن حصرها على مختلف المستويات خاصة إن كانت مرتبطة بالأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار لكونها مدبرة الأسرة أو المسؤولة عن ميزانيتها الشخصية في أغلب المناطق.

وأضافت أن صور العنف أكبر دليل على معاناة النساء خاصة أن بعضها ارتقى لمستوى القتل، فضلاً عن مظاهر العنف الأخرى التي تجعل المرأة من تتحمل التكلفة الاجتماعية والاقتصادية للظروف الغير عادية أو الصعبة.

وأوضحت أن المرأة المصرية المسؤولة عن توازن المنزل لذلك عادة ما تكون في آخر القائمة عند النظر لأولوية الإنقاذ لأنها تقدم مصلحة الزوج والأطفال على احتياجاتها، لافتة إلى أن الأزمات الأخيرة جعلت النساء تتحملن أعباء الأسر وبات عدد كبير منهن معيلات وهو ما ضاعف أعبائهن مرة أخرى وجعل الكثيرات منهن تبحثن عن عمل إضافي لتأمين احتياجاتهن الأساسية.

 

مؤسسات المجتمع المدني ومشاكل النساء الناتجة عن الكوارث الكبرى

تعمل مؤسسات المجتمع المدني ككيانات وأفراد على دراسة سبل تفادي الأزمات التي تتحمل النساء تبعاتها في الواقع بمختلف الأدوات التي يملكونها مستهدفين التخفيف من أعبائهن.

وأكدت صباح السيد أن مؤسسات المجتمع المدني بشكل عام والنسوي منه بشكل خاص سعوا لدعم المرأة المصرية خلال الفترة الأخيرة خاصة بعد أزمتي كورونا والتغيرات المناخية والفيضان الذي ضرب الجنوب مؤخراً.

وأضافت أنهم قدموا الدعم النفسي والقانوني لبعضهن، وأعطوا الأولوية لبرامج التمكين الاقتصادي في أنشطتهن محاولين إيجاد بدائل لدعم النساء في مواجهة الأعباء والكوارث الكبرى التي تعرضن لها خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

 

الأزمات الكبرى التي عانت النساء منها في الفترة الأخيرة

مجموعة من الكوارث الكبرى عانت منها النساء حول العالم الدولي منها والإقليمي والمحلي سواء من تغيرات مناخية هزت عرش عدد من الدول اقتصادياً أو حروب أو زلازل أو حتى أوبئة، وكانت المرأة في مقدمة من تحملوا عواقبها في مختلف تلك البلدان.

واعتبرت صباح السيد أنه بالنظر إلى الزلزال الذي حدث مؤخراً في تركيا وسوريا وعدد القتلى الذي فاق التوقعات وكذلك انهيار شبه كامل للبنى التحتية، ألقى على النساء بمسؤوليات كبرى سواء تجاه الأسر التي فقدت عائلها أو في ترميم ما تم تخريبه بفعل تلك الكوارث.

وعلى النطاق المحلي أوضحت أن مدينة حلوان يوجد فيها نحو 33 عشوائية تأثرت فيها النساء بالأزمات الأخيرة بشكل كبير خاصة أن عائداتهم المالية تعتمد على الحرف ذات العائد اليومي كالسباكة والحدادة وغيرها، وهو الأمر الذي أحدث خلل كبير للأسر خلال الفترة الماضية.

وقالت أن واقع الأزمات الأخيرة التي تأثر منها الداخل المحلي أسفر عن وجود شريحة جديدة من النساء تبحثن عن عمل ولكنهن غير مؤهلات له بسبب مستوى تعليمهن المتدني والذي بالتبعية يقلل فرصهم ويزيد من تحدياتهن فلا يجدن أمامهن سوى العمالة المنزلية أو البيع تجولاً بالأسواق.

وأوضحت أن مؤسسة حلوان لتنمية المجتمع "بشاير" عملت على ملف التمكين الاقتصادي لتلك الشريحة من النساء وتدريبهن على مهارات وأعمال جديدة ومنها المشغولات اليدوية، ولم تتوقف عند التدريب والتمكين بل حرصت على ربط النساء بسبل التسويق من خلال المعارض المقامة.