'الخدمات الصحية جزء من الرؤى الاجتماعية المتكاملة'

احتياجات النساء كثيرة ومتشعبة ولكن الصحة تحتل الصدارة ونواقصها يعد الهم الأكبر الذي تعاني منه النساء

أسماء فتحي
القاهرة ـ ، ومنظمة الصحة العالمية لها دستور عمل داعم للنساء في مواجهة الأزمات الكبرى التي يتعرضن لها خاصة في مرحلة التعافي من فيروس كورونا المستجد الذي ألقى بظلاله على العالم أجمع لنحو ثلاث أعوام، وتأتي النساء في مقدمة الفئات التي عانت طوال تلك الفترة.
وللتأثير السلبي عليهن من كورونا أبعاد وحقائق نقف على جانب منها في التقرير التالي من خلال تصريحات هالة صقر مسؤولة برنامج مكافحة الإصابات والعنف بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية خلال مشاركتها في ندوة بمعرض الكتاب أقامتها منظمة المرأة العربية وحملت عنوان "تأثير الأزمات والكوارث على النساء والفتيات في الوطن العربي".
 
"هناك إرادة سياسية داعمة للنساء والتزامات دولية"
قالت مسؤولة برنامج مكافحة الإصابات والعنف بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية هالة صقر، أنه هناك بالفعل إرادة سياسية في الدول العربية لدعم النساء والأمر ليس قاصراً على هذا فحسب ولكن أيضاً هناك التزامات بالمعايير والاتفاقيات الدولية أبسطها الأهداف الانمائية للألفية، كما أن هناك زخم كبير حول احتياجات النساء على المستوى الدولي وكذلك المنظمات المختلفة إقليمياً وعالمياً.
وأوضحت أن السياسة هي فن أقصى الممكن في ظل الظروف الموضوعية القائمة كخطوة أولى، مؤكدةً على ضرورة احترام السياقات الموجودة وكذلك النساء المقدم لهن الدعم، مشيرةً إلى أن الضرورة تقتضي احترام رغباتهن أثناء تقديم الخدمة لهن والنظر للأمور بأعينهن وتقديم الدعم حسب احتياجاتهن.
وأكدت على أن الأسرة في الدول العربي يمكنها أن تصبح حاضنة لتمكين النساء وهو ما يختصر الكثير من الوقت والجهد، ولكنها أيضاً قد تتحول إلى إطار يحول دون قدرة النساء على الوصول للتمكين بل أنها قد تعود بهن وبوسائل الدعم التي تقدم لهم سنوات للخلف، لافتةً إلى أن سياق العمل تختلف من دولة إلى أخرى. 
 
"دستور المنظمة ومفهوم الصحة التي تعمل لأجله"
وأوضحت هالة صقر أن منظمة الصحة العالمية تعرف الصحة بأنها حالة اكتمال المعافاة بدنياً ونفسياً واجتماعياً، مؤكدةً أنها لا تقتصر على مجرد انعدام المرض، مشيرةً إلى أن المنظمة تعمل على تجاوز المنظور الطبي ونقله للمنظور الصحي والاجتماعي معاً، معتبرةً أنهم معنيين بالعمل على الصحة بمفهومها الشامل ثم يأتي الربط بالتمكين الاقتصادي والظروف الاجتماعية والحياة المعيشية.
وأشارت إلى أن غياب الصحة بمفهومها الشامل يؤثر سلباً على الانتاجية أو القدرة على العمل، فبدون وجود صحة نفسية لن يكون هناك قدرة على التعامل مع الأطر الاجتماعية ودفعها للأمام، فالخدمات الصحية سواء كانت على مستوى تعزيز الصحة أو الاستجابة أو الوقاية هي جزء من الرؤى الاجتماعية المتكاملة للدول وبدونها سيكون هناك نقص في وصول المستهدف من عمل المنظمات المختلفة.
 
الصحة الإنجابية 
وسردت رؤية المنظمة حول الصحة الانجابية على المستوى الإقليمي والتي تتمثل في الوصول لأعلى مستويات الصحة الشاملة للجميع وبينهم النساء والفتيات مع أخذ الرؤى والأوضاع التي تؤثر عليهم في الاعتبار، مؤكدةً أن النساء هم مقدمي الرعاية على مختلف المستويات وهو ما يطرح سؤال حول مدى القدرة على تمكينهن وتسهيل مهمتهن، لافتةً إلى أن النساء هم أول من تضرروا من فيروس كورونا خاصةً في اهمال الخدمات الانجابية وهو ما تسبب في الكثير من المشاكل، مشيرةً إلى أنه بعد تجاوز الصدمة الأولى الناتجة عن الوباء العالمي فصحة النساء وتوفير حياة كريمة لهن من الحقوق التي عليهن الحصول عليها.
 
أهداف منظمة الصحة العالمية وبعض المبادئ التوجيهية الخاصة بالنساء 
وقالت هالة صقر في حديثها لوكالتنا على هامش فاعليات ندوة أثر تداعيات الأزمات الكبرى على النساء والفتيات في الوطن العربي، أن واحد من أهداف منظمة الصحة العالمية هو العمل على تضافر الجهود واستغلال كافة الموارد حتى يتم توفير الصحة والعافية والحياة الكريمة للفتيات والنساء في المنطقة العربية، في سياق الطرح الذي تقدمه منظمة المرأة حول تأثر النساء والفتيات بالأزمات والكوارث.
وأوضحت أن المنظمة تخطط للاستجابة السريعة والفعالة للأزمات التي تواجهها النساء والعمل على تنفيذها بشكل صحيح وإعادة بناء السلامة وهنا تأتى ترجمة الالتزامات الدولية التي توقع عليها الحكومات وأهمية تطبيقها على أرض الواقع. 
ولفتت أنه إلى جانب النهج الحكومي هناك مبادئ توجيهية مختلفة وحاكمة منها التركيز على مصلحة النساء والفتيات مع احترام منظورهن ورؤيتهن وما يمكن أن يفيدهن ويتماشى مع ظروفهن، مشيرةً إلى أن فكرة التعامل بتعالي معهن تأتي بنتائج عكسية فلابد من العمل على التكامل معهن وفق ما يناسبهن، مع مراعاة عدم إلحاق الضرر بهن فلا يجوز توجيه النساء لفعل بدون حمايتهن من الأضرار المترتبة على الرؤية الأحادية التي قد تضر بهن، كما يجب احترام الحقوق والكرامة والعمل على عدم التمييز والإنصاف واحترام المبادئ الانسانية بشكل عام فضلاً عن الشراكة والتكامل مع المجتمع.
 
توصيات منظمة العمل لدعم النساء والفتيات في مواجهة الأزمات
واستعرضت هالة صقر مجموعة من التوصيات التي ترى منظمة الصحة أنها تدعم النساء في مواجهة الأزمات والكوارث، ويأتي في مقدمتها العمل على الدمج المنهجي والمؤسساتي للنوع الاجتماعي في عمليات صنع القرار ووضع السياسات والبرامج حول التأهب لمخاطر الكوارث وإدارتها والحد منها، فضلاً عن ضرورة إشراك المرأة ولعبها لدور أساسي في وضع وتنفيذ السياسات والبرامج والتدخلات في كافة مراحل التصدي للأزمات ووضع الخطط الاستباقية وخطط الاستجابة والتعافي وكافة مراحل تنفيذها، معتبرةً أن الأولوية لضرورة إشراك المرأة ولعبها لدور أساسي كمحرك وقائد ومشارك في التغيير.
وأكدت على ضرورة الاستماع للنساء بمختلف فئاتهن والعمل على أخذ النوع الاجتماعي في الاعتبار مع الاهتمام بالنازحين والمهاجرين وذوي الإعاقة من النساء، وقد قامت منظمة الصحة بمساعدة 18 دولة على عمل تقييم عن دمج الاعاقة في الاستجابات الصحية في القرن الـ 19 ومحاولة رؤية الأسباب التي تقف عائقاً أمامهم وأن منها فكرة اللبس بين توافر الخدمات واتاحة الخدمات والقدرة على الحصول عليها، فالخدمات متاحة ولكن التقرير بحث في مدى تعامل الدول مع العوائق التي لا تمكن هذه الفئات من الوصول للخدمة والاستفادة منها.
وأوضحت أنها قدمت في عرض توضيحي مجموعة من التوصيات التي جاءت في مقدمتها ضرورة الالتفات لكبار السن من النساء معتبرةً أن لهم الأولوية، فأغلب المنظمات تتحدث عن المرأة الأم أو فترة الإنجاب ويغفلون النساء كبار السن واحتياجاتهم فضلاً عن النساء الأفقر والأكثر معاناة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.
ونوهت إلى أن العرض الذي قدمته تضمن ضرورة إيلاء الاهتمام الكافي للعنف المبني على النوع الاجتماعي، مؤكدةً على أنه خلال جائحة كورونا أثبتت المؤشرات والأدلة تزايد معدل العنف نتيجة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية بما أثر على الصحة البدنية والنفسية والمعاناة ليس فقط للمرأة لكن لكل أفراد الأسرة.
وواحد من التوصيات التي عرضتها هالة صقر تمثل في العمل على وضع الخطط الاستباقية وزيادة التأهب من خلال إنشاء نظم الإنذار المبكر واعتماد تدابير الحماية المراعية للنوع الاجتماعي بما في ذلك تدابير الحد من العنف وغيره من انتهاكات حقوق المرأة، وتعزيز التخطيط الفعال متعدد القطاعات والتخصصات للاستجابة للأزمات وفي الوقت الحاضر يتم تدريب المدربين في منظمات الأمم المتحدة المختلفة حول دمج النوع الاجتماعي في العمل الإنساني، وبعد تعميمه على المستوى الإقليمي سيتم توفيره على مستوى البلدان مع التطبيق على البرامج المختلفة.
وشددت مسؤولة برنامج مكافحة الإصابات والعنف بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية هالة صقر في ختام حديثها، على ضرورة العمل على زيادة إنتاج البيانات من خلال البحوث وتوليد الأدلة التي تراعي النوع الاجتماعي من أجل صنع السياسات المناسبة بما في ذلك تقييم الاحتياجات الخاصة بالنساء والفتيات في هذه الحالات، مبشرة بقرب صدور تقرير عن النوع الاجتماعي والصحة عن منظمة الصحة العالمية مبدية أملها في أن يساعد على تقييم الاحتياجات الخاصة بالنساء والفتيات.