الاستغلال والتمييز يفاقمان معاناة العاملات في العراق

النظرة الدونية للمرأة والقيم المحافظة من أبرز العوامل المعيقة والمقيدة لعمل المرأة في العراق، والتي تجعلها عرضة للاستغلال والتمييز.

نور المرسومي

بغداد ـ على الرغم من أن نسبة النساء في المجتمع العراقي تقارب الـ 49% من إجمالي السكان، إلا أن نسبة العاملات في سوق العمل لا تتجاوز الـ 15%، لعدة أسباب وعلى رأسها ارتفاع حالات التحرش والاستغلال في سوق العمل.

فرص النساء في سوق العمل لازالت ضئيلة في العراق، حيث أن نسبة العاملات لا تتجاوز الـ 15% من حوالي العشرين مليون امرأة عراقية، بينما تقع 85% منهن ضحايا عوامل موضوعية تحجم دورهن في المجتمع عموماً وسوق العمل خصوصاً.

وفي هذا الصدد، قالت سما إسماعيل "أعاني من عدم إمكانية الانخراط بعمل بحسب اختصاصي، فأنا أحمل شهادة بكالوريوس في التربية الرياضية حصلت عليها منذ أكثر من عشرة أعوام، حيث أن العمل في القطاع الخاص يفاقم معاناة المرأة التي تعتبر سلعة في هذا القطاع، لذلك يجب على الحكومة العراقية توفير فرص عمل وتعيينات بحسب اختصاصاتهن".

ونوهت لعدة عراقيل تواجه المرأة في سوق العمل "هناك عامل آخر يواجه النساء في القطاع الخاص وخاصة الشركات الأهلية، فأنا لدي صديقات أحياناً يطلب منهن العمل بطريقة غير لائقة لكسب الزبائن، إحداهن موظفة في شركة عامة تسبب لها ذلك بمشاكل كبيرة حيث أنها الآن مجبرة على ترك العمل نظراً لطلبات أرباب العمل الغربية، منها معاملة الزبائن وصاحب العمل بطريقة مبتذلة ولين مبالغ فيه، فقط لأن أجور العمل عالية جداً في الشركات الأهلية".

وأضافت "نحن لا نستطيع العمل في الشركات الأهلية بسبب كثرة حالات التحرش، فمن غير الممكن لفتاة تحمل شهادة جامعية أو حتى لم تتعلم أن تعمل في أماكن ذاع عنها التحرش والاستغلال والابتزاز".

النساء العاملات في شركة ضمن القطاع الخاص تؤشر جملة تحديات تواجهها النساء في بيئات العمل، ومن أكبر المشاكل التي تواجهها هي الابتزاز الجنسي من قبل أرباب العمل والمساومة مقابل التوظيف أو الترقيات الوظيفية.

وفي ظل عدم وجود تشريعات حازمة ضد ظاهرة التحرش، تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء في العراق إلى التحرش اللفظي، بينما تتعرض واحدة من كل خمس نساء للتحرش الجسدي، بحسب تقرير للبنك الدولي.

وعن تشخيص سوء المعاملة هذه تقول سما إسماعيل "هناك اختلاف كبير بين المؤسسات على مستوى الأجور، حيث أنني كنت أتقاضى أجراً زهيداً جداً في إحدى رياض الأطفال كما أن ساعات العمل كثيراً جداً والمبلغ لا يكفي لسد احتياجاتي الخاصة بالإضافة للمعاملة السيئة".

وفي ختام حديثها طالبت سما إسماعيل الجهات المعنية بأن يكون دورها أكثر فاعلية لوضع حد لحالات التحرش وتقليل ساعات العمل وكذلك تفعيل الضمان الاجتماعي لحماية المرأة العاملة في القطاع الخاص.

 

 

من جانبها تحدثت آية عبد الباسط وهي تحمل شهادة بكالوريوس في التربية الخاصة، عن المشاكل التي واجهتها كونها عملت في أماكن مختلفة "أثناء بحثي عن العمل كان أرباب العمل يشترطون وجود خبرات متعددة وكوني خريجة جديدة من أين لي أن اكتسب هذه الخبرات؟ وجل تفكيري كان كيف سأستطيع الانخراط في العمل لأكون نفسي".

وأكدت "هناك تمييز واضح في العمل ليس على مستوى الأجور فحسب، بل يصل التمييز ضد النساء لساعات العمل أيضاً، حيث نجبر أحياناً على البقاء لعدة ساعات إضافية في العمل على خلاف ما تم الاتفاق عليه ونصل لعدد من الساعات الغير محددة وبدون أجور عمل تضاف لأجور العمل الأساسي".

وذكرت أن "المؤسسات المعنية لا توفر أي أرقام ساخنة خاصة بالعاملات بهدف تفادي قضايا الاستغلال والابتزاز من قبل أرباب العمل ومعالجتها، بالإضافة للضعف الذي تتسم به الرقابة تجاه الشركات وبيئة العمل السيئة والغير مراقبة وغياب الإجراءات الرادعة، مما يدقع الكثير من النساء لترك العمل بدلاً من تحمل مثل هذه الظروف".

وبحسب ناشطات نسويات فإن دور الحكومة لازال ضعيف في حفظ حقوق النساء في فترات العمل وتمكينهن من ذلك، فضلاً عن حماية العاملات من أشكال التمييز والاستغلال، بالرغم من توقيع العراق على سبعة اتفاقيات لمنظمة العمل الدولية تضمن حق النساء بالعمل، إضافة إلى المصادقة على الاتفاقية الملحقة بلائحة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حول إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، في الوقت الذي تسجل فيه رقماً قياسياً في غياب المساواة بين الجنسين، وتأتي في ثاني أدنى مرتبة بنسبة العمالة النسائية من بين 130 دولة.