الأرض والمرأة... قضية حق تدافع عنها مقاتلات مجلس منبج العسكري

حكايات عديدة لنساء من مكونات ولغات مختلفة جمعهن الهدف المشترك لتحرير المرأة من ذهنية المجتمع، والدفاع عن الأرض من الهجمات والمؤامرات تضمها قوات مجلس منبج العسكري

سيلفا الإبراهيم
منبج -
فوج الشهيدة روجبين عرب الذي تأسس بعد تحرير مدينة منبج في 15 آب/أغسطس 2016، يضم مقاتلات من مختلف المكونات جمعتهن الآلام والأهداف المشتركة، وأصبح الفوج الأفق الذي يسعين من خلاله للوصول إلى المساواة الحقيقية بين الجنسين، وتحرير المناطق التي تحتلها تركيا.  
 
"الشخصية التي اكتسبتها غيرت قناعات والدي" 
المقاتلة في فوج الشهيدة روجبين عرب ورود العلي من المكون العربي، انضمت لصفوف مجلس منبج العسكري في تموز/يوليو عام 2021، تقول عن بداية انضمامها للقوات "شقيقتي الكبرى مقاتلة في صفوف مجلس منبج العسكري وقد تأثرت بشخصيتها القوية التي اكتسبتها بعد انضمامها مما شجعني أنا وشقيقي لأن نأخذ قرار الانضمام".
وعما دفعها أيضاً للانخراط في المجال العسكري قالت "الفكر التحرري لدى مجلس منبج العسكري وإعطاء المرأة المساحة الكافية لتلعب دورها في حماية المرأة والمجتمع، ومحبةً شخصية المقاتلات المتحررات فكرياً من شوائب ذهنية المجتمع جميعها أسباب دفعتني لأكون بينهن اليوم وأخوض معهن النضال التحرري".
تغيرت الكثير من مفاهيم المجتمع في منبج ومنها دخول المرأة إلى المجال العسكري ولكن ما تزال هناك أصوات رافضة لهذا الانفتاح على قضايا وحقوق المرأة فحمل السلاح ما يزال بنظر شريحة واسعة من المجتمع أنسب للرجل من المرأة "عائلتي جزء من المجتمع فلم تكن تتقبل أن تحمل امرأة السلاح وتنتظر تزويج بناتها باعتباره الطريق الوحيد أمام المرأة، لكن شقيقتي ساعدتنا على معرفة حياة أخرى واستطاعت القضاء على هذا التفكير، فبشخصيتها ووعيها واطلاعها على حقيقة المرأة أثرت على أسرتنا وفتحت الطريق أمامنا للانضمام".   
وأضافت "اليوم والدي يدعمنا ويقول لنا لا تتخلين عن المسيرة النضالية التي بدأتن فيها، وهو يفكر بالانضمام لصفوف مقاتلي مجلس منبج العسكري بعد تأثره الكبير بالفكر الديمقراطي الذي تنتهجه هذه القوى". 
تعمل ورود العلي من أجل مجتمع خالٍ من العنف تتمتع فيه المرأة بالمساواة الكاملة "من أهدافي مساعدة كل امرأة مستعبدة من قبل الرجل وتحريرها من قيود المجتمع، لأن باستطاعة المرأة القيام بالكثير بإرادتها، وسأواصل درب نضالي ما حييت".  
 
 
"في طريق نضالنا تعرفنا على مكانة المرأة"
فيما تقول المقاتلة خديجة خليل وهي من المكون التركماني وقد انضمت لمجلس منبج العسكري منذ شهرين "تعاني المرأة من الظلم دائماً لكن حقيقة حياة المرأة المقاتلة تختلف كلياً عن الواقع الذي تعيشه النساء في المجتمع، فالمجتمع لا يعير المرأة أي اهتمام ولا يعطي لوجودها أي قيمة بل إنها دائماً ما تتعرض للعنف من قبل الرجل المحمي من المجتمع، لكن في الفوج تنال المرأة كامل حقوقها وحريتها في التعبير والتفكير، الأمر الذي رأينا فيه مكانة المرأة".   
تزوجت خديجة الخليل وهي قاصر بعمر 17 عاماً لتصبح أماً لـ 3 بنات وابنين لكن زواجها لم يستمر جراء ما تعرضت له من عنف زوجي فقررت الانفصال "كنت ضحية العنف الزوجي حتى فقدت الأمل بحياة أفضل وكانت نظرتي سوداوية إلى أن دخلت المجال العسكري ورأيت الجانب المشرق من الحياة. رأيت حقيقة المرأة وتعرفت على حقوقها المسلوبة".
تقول عن الأسباب التي دفعتها لتنخرط في المجال العسكري رغم العقبات "افتقدت الكثير من حقوقي لذلك عندما سمعت أن للمرأة المقاتلة حقوق وهذا المجال سبيل لنيل حرية المرأة دخلت إليه دون تردد"، مبينةً "أبنائي إيدوا قراري لأنهم كانوا شهوداً على الظلم الذي عانيت منه على يد والدهم". 
"في فوج الشهيدة روجبين عرب مقاتلات من مختلف المكونات" تعلق خديجة الخليل، وتضيف "ما جمع نساء من مختلف المكونات من كرد وعرب وشركس وتركمان ومن مناطق خارج منبج أيضاً هي الآلام المشتركة بينهن".
عن الحياة ضمن فوج الشهيدة روجبين عرب قالت "لأن الآلام جمعتنا نشعر ببعضنا البعض، ونجد أنفسنا مسؤولات عن بعضنا كصديقات، لأننا نعمل من أجل هدف مشترك ألا وهو تحرير المجتمع وحمايته من أي عدوان يتعرض له". موضحةً "نسعى لأن تعيش كل امرأة بحرية كاملة، وسنعمل من أجل إزالة شوائب السلطة الأبوية المترسخة في ذهنية أفراد المجتمع، فلنا نشاط مجتمعي حيث نزور العائلات لنعرفهن على فكر المرأة وحقوقها".
استنكرت خديجة الخليل صمت النساء عن العنف الذي يتعرضن له وبينت أن "على المرأة ألا تقبل العنف وألا تستسلم له فهناك العديد من الدروب التي بإمكانها أن تسلكها للخلاص من الظلم الذي تعيشه". 
 
 
الهدف المشترك جعل نساء من مختلف المكونات يناضلن معاً
المقاتلة تسنيم يعقوب من المكون الشركسي انضمت لصفوف المجلس العسكري منذ أربعة أشهر تقول "تمتلك عائلتي وعياً حول حرية المرأة وحقوقها، فبعد إصراري وطرحي المتكرر لرغبتي في الانضمام وافقوا، رغم أني الفتاة الوحيدة من بين إخوتي".
وعن دوافع انضمامها تبين "سمعت كثيراً عن حياة المقاتلات وكان لدي صديقات مقاتلات، وهو الأمر الذي شجعني للانضمام". مضيفةً "ما لفتني واحببته هو الروح الرفاقية بين المقاتلات، وأيضاً الشجاعة والمقاومة التي تتحلى بها شخصية كل مقاتلة".
ولفتت إلى الثقافات المختلفة لمدينة منبج وهو ما انعكس إيجابياً على مجلس منبج العسكري "مدينة منبج تتميز بتنوع مكوناتها من كرد وعرب وشركس وتركمان، وفوج الشهيدة روجبين عرب نموذج مصغر عن ذلك إذ تتواجد فيه المكونات الأربعة، وجميعنا نحمل على عاتقنا حماية الشعب في المدينة".
وعن مدى تقبل المجتمع الشركسي لحمل المرأة السلاح بينت أن "رغم أن انضمام المرأة إلى المجال العسكري ليس مرفوضاً لكنه ليس بالأمر الشائع، أي يمكن القول بأن انضمامي من الحالات النادرة في المجتمع الشركسي".
وتقول إن رسالتها التي تود إيصالها من خلال انضمامها إلى قوات مجلس منبج العسكري هي نشر فكر حرية المرأة "جميعنا نسعى لأن تصل المرأة إلى حريتها على نهج فلسفة القائد عبد الله أوجلان الذي يتحدث في جميع مرافعاته عن حرية المرأة وسبل الوصول إليها، والمجال العسكري أحد هذه السبل". 
 
 
اختارت هذا الطريق لتكون القدوة لنساء مدينتها 
المقاتلة ادار جودي من مدينة الباب انضمت منذ عام ونصف إلى قوات مجلس منبج العسكري تقول عن الانتهاكات التي تعرضت لها النساء في مدينة الباب "عانت مدينة الباب من ظلم مرتزقة داعش كثيراً كغيرها من المدن، والآن تعاني من ظلم مرتزقة درع الفرات أحد أدوات تركيا في سوريا".
لادار جودي أسبابها للانضمام والتي تقول عنها "انضممت لمجلس منبج العسكري لأفجر ثورة لنساء مدينتي. انضممت بعد أن تأثرت بشخصيات المقاتلات وأنا على ايمان بأن نساء مدينتي سيتأثرن بشخصيتي لأن شخصيتي تغيرت كثيراً بعد دخولي لهذا المجال".
وتضيف "مجتمعنا في مدينة الباب منغلق من ناحية حقوق المرأة فلا رأي للنساء ولا أهمية لهن لكني تغيرت كثيراً بعد انضمامي حيث تعرفت على أهدافي وحقيقة المرأة في المجتمع، وهذا المجال فتح الأفاق أمامي وأمام جميع النساء لتفعيل دور المرأة وإظهار حقيقتها في المجتمع والمرأة بدورها استفادت من هذه الفسحة التي منحت لها لتطور ذاتها وتتعرف على حقوقها وواجباتها في المجتمع". 
 
 
"شرف المرأة بفكرها وسلاحها الذي تحمي فيه مجتمعها" 
رغم ما يعانيه أهالي الباب تحت نير الاحتلال إلا أن الأمل ما يزال موجوداً لتحرير المدينة كما تؤكد ادار جودي "نحن على أمل بتحرير مدينتنا لتنضم المرأة من الباب بعدد أكبر إلى المجال العسكري وتغير من واقعها المعاش". 
عانت من العادات والتقاليد أثناء تواجدها في مدينة الباب وتقول عن ذلك "منذ أن نفتح عيوننا على الحياة يتم التحكم بنا وبأجسادنا، لذلك يفرض على الفتيات الصغيرات ارتداء الحجاب، والملابس التي تغطي كامل أجسادهن، باعتقاد أن ذلك يحمي شرف المرأة"، لتتساءل "ما هو الشرف؟ بالتأكيد ليس جسد المرأة، فشرف المرأة ليس في جسدها بل في فكرها وشخصيتها وقدرتها على الدفاع عن أرضها، ومن هذا المنطلق اتخذت هذا القرار للحفاظ على شرفي الذي هو أرضي وشخصيتي". مبينةً "أحاول أن أكون قدوة لغيري من النساء لكيلا يتوارثن العبودية وللنهي هذه الانتهاكات بحق المرأة، فالنساء يعتقدن أن قدرهن العبودية ولا يعلمن أن بإمكانهن التغيير".
وتضيف "نحن مقاتلات مجلس منبج العسكري جمعنا هدف تحرير المرأة من العبودية وتحرير فكر المجتمع، وهذه رحلة تبدأ بتحرير المرأة لذاتها ولشخصيتها ومن ثم تبدأ بتحرير مجتمعها، أما هدفي الثاني هو تحرير مدينتي من الاحتلال التركي، وتحرير كافة المناطق من الاحتلال والقضاء على الخلايا النائمة"، مستدركة "لا أقصد التحرير الجغرافي فقط وإنما التحرير الفكري أيضاً، فمناطقنا تستحق العيش بأمان".
وعن قدرة المرأة على تحمل مسؤولياتها وتحقيق هذه الأهداف قالت "عندما تمتلك المرأة الإيمان بشخصيتها وإرادتها تستطيع فعل الكثير، والمرأة أثبتت ذلك فالعالم تعرف على مناطقنا بإرادة المرأة وفكرها والجميع بات يعترف بقوة المرأة في مناطق شمال شرق سوريا. المجتمع كان يظن أن المرأة غير قادرة على حمل اسطوانة الغاز لكن اليوم هي تحمل جميع أنواع الأسلحة وتحسن استخدامها، وكل هذا جاء من إيمان المرأة بذاتها".
واختتمت ادار جودي حديثها بالقول "نسعى لأن تعرف المرأة بقوتها وقدراتها سواء كان في المجتمع أو في مجال آخر، وعلى كل امرأة أن تثور على شخصيتها وفكرها لتغيره نحو الأفضل لتبرز دورها وإرادتها في المجتمع، كما نرجو إحلال السلام في مناطقنا".