العاملات في القطاع الخاص الأكثر تعرضاً للتمييز المبني على أساس النوع الاجتماعي

تعاني النساء في أماكن العمل من انتقاص لحقوقهن وابتزاز وتعدي مبني على أساس النوع لا لسبب آخر إلا لكونها امرأة.

أسماء فتحي

القاهرة ـ لا يمكن إغفال المعاناة التي تتعرض لها النساء في مؤسسات العمل وعلى وجه التحديد في قطاعاتها الخاصة، وقد حدث مؤخراً عدد من الأزمات تحملت تبعاتها المرأة بالأساس خاصةً تلك المرتبطة بالآثار السلبية لجائحة كورونا على عدد العمالة وانتظام الحضور مما جعل التخلص منهن أولوية لأرباب العمل، وأكثر عدداً مقارنة بالذكور، لأسباب كان في مقدمتها النوع الاجتماعي.

التمييز الواقع على النساء لا يرتبط بمهارتهن بالأساس ولكنه عقاب على نوعهن المختلف، فكما سنرى في التقرير التالي الكثيرات تتعرضن للتحرش والاعتداء والنتيجة أنهن يوصمن ويتم التنكيل بهن رغم كونهن ضحايا، والأهم من ذلك هو الانتقاص من حقوقهن داخل مؤسسات العمل بسبب وضعهن كنساء وبات الحمل على سبيل المثال سبب قوي للفصل من العمل، بل والحرمان من الالتحاق بالوظائف.

فالكثير من المؤسسات يتعاملون مع النساء باعتبارهن ناقصات ولا يمكنهن منافسة الرجال رغم أن الجميع يدرك أن المرأة تنتج أكثر من الرجل ولكنها كما يعلل البعض "امرأة" ليس من حقها الترقي وقيادتها للرجال جريمة في مجتمع تتحكم به الأفكار الذكورية والسلطة الأبوية المطلقة.

 

"تتنازل النساء عن شكاويهن بسبب الضغط والتنكيل"

قالت المحامية والناشطة النسوية هدى العربي، أن التمييز الذي يمارس على النساء أساسه النوع الاجتماعي فقد رأت بنفسها أن هناك وظائف كثيرة يشترط بها أن يكون المتقدم رجل، وحينما تساءلت عن السبب لم تجد رد مقنع سوى أنها سياسة المكان المعلن عن الوظيفة.

وأضافت "أنا أم لطفل وأعمل محامية ولدي مكتب وأذهب للمحكمة ومع ذلك أهتم بشؤون طفلي ودراسته وكامل احتياجاته ولم يقلل ذلك من عملي أو قدرتي على العطاء"، موضحةً أن تحجج المؤسسات بانشغال المرأة ببيتها عن العمل لا وجود له على أرض الواقع فالكثيرات تعملن بجد دون أن ينتقصن من واجباتهن.

وعما تتعرض له المرأة من تنكيل في حال تقديم شكوى حول انتهاك أو تحرش تؤكد هدى العربي أن المرأة ملامة طوال الوقت والأمر ليس مقتصر على مؤسسات العمل ولكنها في قسم الشرطة نفسه تعاني من سوء معاملة وانتقاص منها أثناء فتح المحضر، موضحةً أن أغلب المحاضر تنتهي بالصلح بسبب إدانة الضحية واتهامها بأنها السبب فيما حدث.

وروت أزمة موكلة لها تعرضت للتحرش في واحدة من شركات القطاع الخاص قائلةً "الموظفة ذهبت لتحرير المحضر وضابط القسم كان يعرف المتحرش فأبلغه بأنها تحرر له محضراً والمذنب أخبره أنها سيئة السمعة واتفقا معاً على عمل محضر للفتاة بالسرقة لنصبح أمام محضرين على نفس الدرجة ومن هنا تم التنازل والصلح لأنه تمكن من لي ذراعها لدرجة أن أخيها لم يصدقها لأنه أميل للذكور أشباهه وكانت النتيجة إجبارها على ترك عملها ومكوثها في المنزل".

 

أكاذيب تواجه النساء في العمل

تتردد بعض الأكاذيب في سوق العمل للضغط على النساء واستغلالهن أكثر في قطاع ليس بالقليل من الشركات لجعلهن يعملن لوقت أكثر ويبذلن المزيد من الجهد من أجل إثبات ذواتهن في مواجه المنظومة الفكرية الذكورية.

وتؤكد هدى العربي أن هناك عدد من الادعاءات لا أساس لها من الصحة وجدت فقط من أجل استغلال المرأة العاملة وامتصاص كل ما يمكن أن تقدمه من طاقة، مشيرةً إلى أن واحدة من الأكاذيب الإعلان الدائم أن المرأة تتحكم بها عاطفتها لذلك لا يمكنها أن تتحمل مشاق الإدارة لمجرد تفضيل الذكور عليها في الترقي لأن أشباههم يرفضون أن تصبح رئيستهم امرأة، هذا فضلاً عن تنميط صورة المرأة.

 

"السلطة الأبوية تسلب النساء حقوقهن في أماكن العمل"

من جانبها قالت المحامية سارة إبراهيم، أن النساء تعانين في العمل وخاصة القطاع الخاص على كل المستويات ومنها تدني المرتبات والانتقاص من الإجازات والحرمان من التعيينات.

وعن الوضع الخاص بالمحاميات فقد وصفته بـ "الأكثر سوءاً"، فالكثير من المحامين بحسب سارة إبراهيم، يفضلون توظيف النساء لأنهم يعملون أكثر ولكن في المقابل يحصلون على دخل أقل مقارنة بالرجل ذوي المتطلبات الأكبر والدخل الأعلى رغم أنهم بالفعل الأقل من حيث الانتاجية قائلةً "المحمي يفضل الفتاة حديثة التخرج لأنه يعطيها أقل من ربع أجر الرجل".

وعن الحرمان من الترقي فقد لفتت سارة إبراهيم إلى أن الرجال يميلون إلى إعطاء فرص الترقي للرجال، وإن كانت المرأة الأكثر كفاءة فالقبلية هنا المتحكمة في المشهد وعادة ما يكون لها السيادة على التفكير ووفق هذه الثقافة الذكورية لا يحق للنساء أن يرأسن الرجال في الكثير من المؤسسات وجهات العمل.

وأكدت على أن ما يثار حول قدرة الرجل على العمل لفترات أطول من المرأة لا علاقة لها بأرض الواقع فهو يعمل ويجد كامل الفرص لمجرد كونه ذكر بينما المرأة عليها أن تبذل أضعاف ما يقوم به الرجل من جهد وتطور من نفسها وتمتلك أدوات إضافية وتطور مهاراتها لتستطيع المنافسة والحفر في الصخر من أجل الحصول على فرصة واحدة.

واعتبرت المحامية سارة إبراهيم أن التمييز الممارس على المرأة في عملها أحد أوجه ما يحدث له في الأسرة فما زال رب الأسرة يميز بين الجنسين في كل شيء من مأكل وخروج من المنزل، إلى إتاحة فرص التعليم والعمل وغيرها من الأمور التي تحرمها السلطة الأبوية منها، وكذلك الشيء نفسه يقوم به صاحب العمل تجاهها فيعطي كامل الامتيازات لأشباهه من الرجال على حساب ما تستحقه النساء.

 

 

"فصلت من عملي لكوني امرأة"

قالت الصحفية ياسمين الجيوشي أن النساء تتعرض لظلم مجتمعي متعدد الأبعاد وأنها مرت بتجربة قاسية أثناء فترة عملها في جريدة التحرير "كنت أعمل صحفية ميدانية مع ابراهيم عيسى في الفترة من 2008 وحتى عام 2014، وسط ظروف غير أخلاقية على الإطلاق تعرضت خلالها للكثير من المخاطر والإصابات، انتهت بفصلي تعسفياً لا لشيء إلا لكوني امرأة فالظلم الواقع علي مبني على أساس النوع الاجتماعي".

وعن أسباب الفصل أوضحت ياسمين الجيوشي "كنت حامل وقبل موعد وضع جنيني بشهر واحد قرر رئيس التحرير فصلي عن العمل وتمت مساومتي على أخذ إجازة بدون أجر حتى لا يكون هناك أي التزام مادي من الجريدة نحوي أثناء إجازة الأمومة المقررة قانوناً بثلاثة أشهر مدفوعة الأجر، وتم اعتباري عبء على الصحيفة الذي نسي كل ما قدمته من عمل قبل زواجي وحملي وقرر تقييم فترة حملي ولم يراعوا للحظة ظروفي الخاصة ولم يشفع لي ما بذلته من جهد ومخاطرة قبل تلك الفترة".