الإهمال يزيد معاناة أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في مخيمات إدلب

يكابد الأطفال في مخيمات إدلب حياة باتت أقسى بعد أن تزاحمت عليهم أوجاع الإعاقة ومرارة النزوح، وسط غياب الجهات التي تعنى بشؤونهم وتضمد جراحهم، ليكونوا ضحية حرب لم ترحم حقوقهم وبراءتهم.

لينا الخطيب

إدلب ـ يواجه الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تحديات وصعوبات كبيرة في مخيمات إدلب جراء التهميش والإقصاء الذي ينعكس سلباً على كافة مناحي حياتهم، فضلاً عن غياب مراكز العلاج والطرقات المعبدة ودورات المياه المجهزة لحالاتهم.

على كرسي متحرك يجلس الطفل وليد الجبان (9 سنوات) النازح من مدينة سراقب إلى مخيم في مدينة أطمة شمالي إدلب، ويكتفي بمراقبة الأطفال الذين يلعبون أمام باب خيمته، دون أن يتمكن من مشاركتهم اللعب والمرح.

وتعرض الطفل لشظية في ظهره منذ بداية عام 2020، ما تسبب له بشلل في الأطراف، حرمه من المشي والحركة والعيش بشكل طبيعي كبقية الأطفال.

وضاعف النزوح من مأساة الطفل، وعن سبب ذلك تتحدث والدته سمية حاج أحمد (36 عاماً) قائلةً "الوضع في المخيم مأساوي، فلا خيم مجهزة ولا طرقات ولا حمامات خاصة، على الرغم من تكرار مناشدة المنظمات الإنسانية، ولكن لا مجيب".

وتلفت أن ولدها حصل على كرسي متحرك من متبرع، لكنه يجد صعوبة كبيرة بالتنقل والحركة في طرقات المخيم الوعرة، كما أن الخيمة التي تسكنها الأسرة لا تمنع عنهم برد الشتاء، والطرقات الموحلة تزيد المعاناة، وتصعّب التنقل "في هذه المخيمات البائسة يصعب على الأصحاء تحمل الظروف المعيشية القاسية، فكيف إذا كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة".

الوضع المأساوي الذي يعيشه الطفل وليد لا يعكس إلا جزءاً بسيطاً من العوائق التي يعاني منها الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المخيمات، حيث تشاطره المعاناة الطفلة مريم العواد (12 سنوات) النازحة من بلدة جرجناز بريف إدلب الجنوبي، وتشكو من غياب مراكز العلاج، وعن ذلك تقول "تعرضت لشظية قذيفة في قدمي، ما أدى إلى تضررها بشكل كبير، وبعد ثلاث عمليات جراحية أخبرني الطبيب بأنني أحتاج لجلسات علاج فيزيائي بشكل يومي".  

وتشير مريم العواد إلى أن بعد المخيم عن مراكز العلاج الفيزيائي، وغياب وسائل النقل وغلاء تكاليفها أدى إلى إهمال علاجها وتدهور حالتها الصحية. وتبين أنها تستعين بعكازين في الحركة، لذا تفضل الجلوس داخل الخيمة طوال الوقت، وعن سبب ذلك تقول "لا أفضل التنقل خارج الخيمة، لأن محيط خيمتي مليء بالحفر والحجارة، وهو ما يعرقل حركتي أثناء المشي".

أما فاطمة الصطوف (33 عاماً) النازحة في مخيم الكرامة التابع لمدينة سرمدا، تعاني من الفقر والعوز، وتضطر للخروج يومياً إلى العمل تاركة طفليها من ذوي الاحتياجات الخاصة دون رعاية، لتؤمن معيشة أسرتها، تقول عن ذلك "بعد وفاة زوجي بمرض عضال، أضطر للعمل للإنفاق على أولادي الأربعة، علماً أن اثنين منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة".

وتبين أن ابنيها وهما سالم الأصلان (9 سنوات)، وندى الأصلان (6 سنوات)، تعرضا لبتر في الأطراف العلوية نتيجة غارة حربية، ما شكل نقطة تحول صعبة في حياتهما وجعلهما يحتاجان للمساعدة والعون في كافة أمورهما الحياتية.

ورغم حالتهما الخاصة تضطر فاطمة الصطوف لتركهما والخروج للعمل في الورش الزراعية لكسب لقمة العيش "أتركهما برعاية أختهما، وأظل مشغولة البال عليهما طوال ساعات العمل، وأحزن لحالهما، لأنني غير قادرة على تركيب أطراف علوية لهما تعينهما على الحياة".

تقول المرشدة النفسية رؤى الديري من مدينة الدانا عن احتياجات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة "تسببت الحرب بإعاقات دائمة لعدد كبير من الأطفال السوريين، منها البتر والعمى والشلل، ويعاني هؤلاء الأطفال من وضع مأساوي في المخيمات، بسبب التهميش، والنقص الدائم في الغذاء والمياه وأبسط الخدمات اليومية، فضلاً عن غياب مراكز التعليم التي تتناسب مع أوضاعهم، في وقت هم بأمس الحاجة لمن يهتم بهم، ويساعدهم على التحرر من أثقال احتياجاتهم التي تحد من قدراتهم، وتطمس إمكاناتهم".

وتؤكد على ضرورة أن يحصل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على رعاية خاصة صحية وتعليمية ونفسية، ليتمكنوا من استعادة حياتهم الطبيعية، وتنمية اعتمادهم على أنفسهم، واندماجهم في المجتمع من جديد.