'سلب حقوق المعتقلات في السجون الإسرائيلية دفعهن للإضراب'

عدد الأسيرات المحتجزات بالسجون الإسرائيلية وصل لـ 32 أسيرة، ويستمر بالتزايد بشكل مخيف لأن هيئة السجون تمارس الاعتقال الإداري بحق الأسيرات.

رفيف اسليم

غزة ـ تكابد الأسيرات الفلسطينيات ظروف صعبة للغاية، فالسجون الإسرائيلية تفتقد لأبسط مقومات الحياة التي قد تحتاجها المرأة، ويعشن في غرف صغيرة تأكلها الرطوبة، لا تتوافر بها ما يدرئ عنهن حرارة الصيف أو برد الشتاء، ناهيك عن ساعات التحقيق الطويلة قبل التحويل للزنازين وتعرضهن خلال تلك المدة لأبشع أشكال التعنيف.

تقول مديرة دائرة الأسيرات المحررات ومفوضية الشهداء والأسرى في قطاع غزة عائشة الكرد خلال حديث لوكالتنا، أن الأسيرات الفلسطينيات يخضن الإضراب لتحسين ظروف الاعتقال داخل الزنازين الإسرائيلية، مضيفةً أنه يأتي لهدفين مطلبي واحتجاجي، فالأول يتمثل في المطالبة بحقوقهن، كالحق بالعلاج خاصةً أنه عندما تصاب الأسيرة بالسرطان وهو الأشد ألماً لا يقدم لها سوى المسكنات وتمنع من الذهاب للمشفى والأمثلة كثيرة.

وتضيف عائشة الكرد أن قوات السجون تمنع إدخال الطعام للأسيرات وتجبرهن على الشراء من "الكنتينة" التي تفرض مبالغ باهظة على سعر المنتج الأصلي الأمر الذي يثقل كاهلهن وذويهن، الذين هم في أغلب الأحيان ممنوعين من زيارتهن، لافتةً أن عائلات الأسيرات من قطاع غزة لم تزرهن بالأسر منذ عشرات السنوات ولا تعرف أخبارهن سوى من خلال الصليب الأحمر والمؤسسات الحقوقية.

قد يظن القارئ أنه إلى هنا تنتهي سوء الأوضاع المعيشة، لكن عائشة الكرد أكدت أن الأمر يصل لأبعد من ذلك، فخلال مدة الفورة أي استراحة السجينات يمنعن من مشاهدة شعاع الشمس، فسقف السجن مغطى بالكامل بالسياج الحديدي وفي كثير من الأحيان يحرمن من تلك الفسحة التي لا تتجاوز مدتها النصف ساعة، لأن السجان وببساطة لا يريد اتمام التواصل بين الأسيرات في الأقسام المختلفة. 

فيما تكمن المشكلة العظمى بحسب عائشة الكرد، بالمعبار وهو المكان الذي تحتجز به الأسيرات خلال فترة التحقيق المليء بالقاذورات والحشرات، والمفتقد لأدنى مقومات النظافة، مشيرةً أن هناك معضلة أخرى وهي تواجد الكاميرات في كل مكان بالسجن، وبناء الحمامات الخاصة بالاستحمام خارج الزنزانة مما يفقدهن خصوصيتهن، إضافة إلى عدم توافر المتطلبات النسائية.

ومن بين المطالبات التي ترفعها الأسيرات أيضاً، الانتساب للجامعات العربية، فتروي عائشة الكرد أنهن يمنعن من حقهن في التعليم وفي حال تم القبول يجبرن على تعلم اللغة العبرية والانتساب لجامعاتها.

وتبين عائشة الكرد أن من أسباب الإضراب الأخرى، أنه خلال نقلهن من سجن لآخر وهي عملية روتينية للنيل من عزيمتهم أن يجبرن على البقاء بالبوسطة وهي مركبة خاصة للنقل ربما لـ 15 ساعة وأكثر، وهي عربة حديدية تأكلها حرارة الشمس فتصبح كصفيح ساخن بالصيف وكبراد للموتى "على حد وصفها" في فصل الشتاء، فيوضعن فيها دون تناول الطعام أو دخول الحمام.

ومن ضمن الأسيرات اللواتي كن ضحايا البوسطة إسراء الجعابيص بحسب ما حدثتنا عائشة الكرد، فخلال نقل إسراء من سجن لآخر رمى أحد الجنود عود ثقاب فأضرمت النار بالشاحنة وتركها داخلها تحترق دون أن يساعدها على الخروج، لكن القدر شاء أن تعيش إسراء بوجه مشوه وأنف مختفى فتتنفس من فمها، ويرفض الاحتلال إجراء عمليات لها أو إعطائها العلاج اللازم.

ولفتت عائشة الكرد إلى أن عدد الأسيرات المحتجزات بالسجون الإسرائيلية وصل لـ 32 أسيرة، ويستمر بالتزايد بشكل مخيف لأن هيئة السجون تمارس الاعتقال الإداري بحق الأسيرات، أي بقاءهن بالسجن لفترة طويلة قد تتعدى السنة دون أن يمثلن أمام المحكمة أو توجيه تهمة لهن وفق "قانون تمير"، مشيرةً أنه في السابق كان عدد الأسيرات أقل من ذلك.

وتشير عائشة الكرد أنه قبل الاضراب تتفق الأسيرات على البدء بعد عزل كبيرات السن والمريضات ودراسة أوضاع السجن والحكومة، وتبدأ جميعهن في ذات الوقت والأقسام، وحين تعلم إدارة السجون تبدأ عمليات الشبح والعزل ومصادرة الطعام من كافة الزنازين، فلا يترك لهن سوى الماء والملح، مشيرةً أنه خلال الفترة الأخيرة تم نقل الأسيرات مرح بكير ومنى قعدان وأسيرات أخريات إلى زنازين منفردة تشبه القبر، قد تستمر لأشهر ولا يعلم إن كن على قيد الحياة أم لا.

وقد خاضت الأسيرات منذ عام 1967 بحسب عائشة الكرد ما يقارب 26 إضراب جماعي، إضافة للإضرابات الفردية التي يقمن بها وتحقق تحسين في بعض مطالبهن كرؤية الأهل أو الاتصال بهن عبر الهاتف لدقائق معدودة، لافتةً أن تلك الإضرابات خطيرة قد تسبب مشاكل صحية لا يمكن علاجها بالجسم بعد مدة، وتصل للموت في بعض الأحيان.

وتضيف عائشة الكرد، بالرغم من أن القانون الدولي الإنساني كفل الحماية للأسيرات والمحتجزات أو المعتقلات في النزاعات المسلحة، بما تتضمنه اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولان الإضافيان لها لعام 1977 الأحكام الخاصة بمعاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم، بما في ذلك الظروف المادية والمعنوية للاحتجاز، ومعاملة الأسيرات، إلا أنه لا حماية للأسيرات الفلسطينيات.

وتختم عائشة الكرد أن "جميع الأسيرات يحتجن للعلاج ومصابات بأمراض مختلفة، لذلك يحب أن تتم عملية ضغط دائم على سلطات الاحتلال مع تدخل من قبل المؤسسات الدولية المعنية، لمساعدتهن وإنهاء الظلم الواقع عليهن".