قانون موحد لمناهضة العنف... مطلب المؤسسات النسوية خلال حملة الـ 16 يوم

في خضم العمل الدولي والمحلي على مناهضة العنف وبالتزامن مع حملة الـ 16 يوم، طالبت المؤسسات النسوية بضرورة إصدار قانون موحد للعنف.

أسماء فتحي

القاهرة ـ قضية العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي هي إحدى أبرز الأزمات والمعوقات التي تقف في طريق النساء وتحول دون تمكينهن على الصعيد السياسي والاقتصادي بل والاجتماعي أيضاً.

خشيت بعض النساء من التواجد بالطرقات العامة بعد الحوادث الأخيرة للعنف، وتعرضت أخريات لبعض أشكاله  في أماكن العمل، وتكاد لا تخلو أسرة من احتوائها على امرأة تعرضت للعنف سواء على يد الأب أو الأخ أو الزوج وربما أحد الأقارب.

 

"عرض على البرلمان مرتين ومستقبله مازال مجهولاً"

قالت مديرة البرامج بمؤسسة المرأة الجديدة لمياء لطفي، إن قانون العنف الموحد هو مقترح طالبت به المؤسسة لتفعيل توصيات الأمم المتحدة لمصر في عام 2010 بعد مطالبتها لها بعمل إصلاح قانوني واحد أدواته وجود تشريع موحد يشمل جميع أشكال العنف ضد المرأة ويضمن حماية تشريعية للنساء، وتضمن مشروع القانون على مواد تحمي المبلغين والشهود فضلاً عن تحديد جانب من الإجراءات الجنائية والبحث الجنائي بما يحمي النساء، لافتةً إلى أنه يحتوى أيضاً على عبارات التحذير والردع الواضحة لحماية النساء وغيرها من آليات الحماية المفقودة التي تمت مراعاتها في مشروع القانون.

وأوضحت أن مؤسسة المرأة الجديدة قادت مجموعة العمل التي عكفت على ذلك المشروع وتواجد بها عدد كبير من الجمعيات ذات البصمة الهامة ومنها مؤسسة قضايا المرأة، ومركز النديم، وتدوين، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وغيرهم الذين تمكنوا من صياغة مشروع قانون لمناهضة العنف شامل ومتكامل.

وأشارت إلى أن مشروع القانون دخل البرلمان مرتين أحدهما في الدورة السابقة حينما تبنته النائبة نادية هنري وتمكنت من الحصول على 60 توقيع برلماني بقبوله، وكان من المنتظر مناقشته في المجلس حتى انتهت الدورة البرلمانية قبل حدوث ذلك، وانتخب البرلمان الجديد وفي هذه الدورة تبنته النائبة نشوى الديب وحصلت أيضاً على 60 توقيع والجميع منتظر أن يأخذ دوره في المناقشة التي لا يعلم أحد موعدها ولا يستطيع التكهن بها.

وبينت لمياء لطفي أن الفترة الأخيرة شهدت تغييرات قانونية لحماية النساء من العنف فهناك تعديلات هامة تمت لحماية الفتيات من الختان، وكذلك تعديلات مرتبطة بالتحرش الجنسي وتحويله من جنحة لجناية ولكن مازال الطريق طويل وبحاجة لوضع مواد تضمن حماية النساء وتنظم الاستجواب والحق في عدم مواجهة الجناة ومنع تسريب المعلومات وبيانات الناجيات والمبلغات وغيرها من الأمور المتوفرة في مشروع القانون الموحد للعنف.

 

القانون لا يحظى بأولوية عند المشرعين رغم أهميته

وبدورها كشفت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة هبة عادل، أن الأزمة لا تكمن في القانون الموحد في حد ذاته ولكن في رؤية المشرع المصري لأهمية إصداره فرغم عرضه على البرلمان مرتين إلا أنه لم يعرض للمناقشة وعند السؤال عن السبب كانت الإجابة أنه ليس أولوية في الوقت الراهن.

واعتبرت أن القانون يتضمن آليات تنفيذية ليست موجودة في الواقع، كما أنه نص على آليات قضائية معنية بتنفيذ كل الإجراءات وبه استعادة لفكرة قاضي التحقيق وضمانات لحماية الشهود والمبلغين فضلاً عن تحديده لجرائم غير منصوص عليها في قانون العقوبات ولا غيرها.

وأضافت "أشار القانون إلى إنشاء دوائر خاصة بالعنف ضد المرأة وهو من شأنه أن تكون له محاكم متخصصة في تلك الجرائم وسيؤثر على ذلك المنتج وجودته، بالإضافة إلى أنه سييسر الوصول للعدالة الناجزة، فضلاً عن احتوائه على أدوات استثنائية ومنها إخفاء الهوية في حال رغبة الناجية في ذلك لحمايتها وغيرها من الأمور التي يحتاج لها المبلغين وضحايا العنف الجنسي على وجه التحديد".

وأوضحت هبة عادل أنه في ظل وقائع العنف الأخيرة التي حدثت على مرأى ومسمع من الجميع بشكل علني فج وما احتوت عليه من تطور كبير بالسلب ومع استمرارها ظهرت تصرفات رجعية من المجتمع كتلك الأفكار التي تدعم الجاني وتلقي باللوم على الضحية أو الناجية، لذلك فالأمر جعل الحاجة ملحة لوجود معالجة تشريعية عاجلة، وأصبح الجميع يأمل أن يدرك البرلمان المصري لأهمية ذلك ويضع قانون العنف الموحد على طاولة مناقشاته في انعقاده الحالي ومن ثم الاقرار والتنفيذ.

وأكدت أن القانون يأتي بفكرة تكاملية تدعم الضحايا وأن بعض القوانين قاصرة وأغلب النصوص متفرقة في عدة قوانين تم عليها تعديلات جزئية لا تفي بالغرض ولا تحقق مفهوم النص المتكامل أو الحماية المتكاملة وكذلك الوقاية، معبرةً أن للقانون أولوية مجتمعية بعد الوقائع الأخيرة لضمان وجود خطوات جدية نحو مواجهة هذا العنف وعلى المشرع أن يدرك الحاجة الماسة إليه.

 

يحتوي على أدوات حماية وجرائم أغفلها القانون الحالي

كشفت مديرة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية نورا محمد، أن قانون العنف الموحد نتاج عمل 7 مؤسسات نسوية، وأنه نتاج ما يحدث في الواقع من تطور في أنماط العنف ومستوياته خلال الفترة الأخيرة، مشيرةً إلى أن القانون ذو أهمية كبيرة لأنه يتطرق لعدد من الجرائم لا يحتوي عليها القانون الحالي كالضرب والاغتصاب الزوجي والتهديد والابتزاز الإلكتروني وغيرها.

واعتبرت أن القانون المرتقب مناقشته يوجد فيه أيضاً آليات حماية مجتمعية ويتطرق لتأثير التوعية على المجتمع فضلاً عن اهتمامه بتأهيل الضحايا وضرورة العمل على توفير أماكن آمنة لإيوائهن خاصة أن بعضهن تتعرضن للتنكيل والتهديد بعد الإبلاغ هو أمر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار لما له من تأثير على تراجع حالات الإبلاغ نظراً لسيطرة الخوف على الناجيات.

وأوضحت أن القانون شامل وجامع لمختلف القضايا التي تتعرض لها النساء خاصةً أن الثقافة المجتمعية تقبل إلى حد كبير بعض ممارسات العنف الواقع على المرأة بل ووصل الأمر إلى التبرير للجناة وهو الأمر الذي يستدعي الوقوف عليه بمزيد من التحديد والوضوح لحسم أمر العقوبة بما لا يدع مجال أمام من يحاولوا التسامح مع الانتهاكات للتفكير في الأمر.

 

 

وجود كتاب موحد معني بالعنف يحقق العدالة الناجزة

اعتبرت المديرة التنفيذية للاتحاد النوعي لمناهضة الممارسات الضارة ضد المرأة والطفل رانده فخر الدين، أن قانون الموحد لمناهضة العنف ضرورة لأن هناك تعارض في بعض القوانين الموجودة، وهناك حاجة أكبر للحديث عن مختلف أشكال العنف والتي لا تضر بالمرأة منفردة ولكنها تجعل المجتمع كاملاً في قبضة ثقافة انتقامية أقرب للاإنسانية في التعاطي مع مفردات الحياة.

ولفتت إلى ضرورة تسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة لذلك فأهم الخطوات التي يجب توفيرها هو وضع تعريف محدد للعنف، معتبرةً أن الحاجة أصبحت ملحة لاعتماد كتاب موحد للعنف يسهل على من يناقش القضايا المرتبطة به أو القائمة على تنفيذ الأحكام الصادرة نتاج ارتكاب العنف ويحقق العدالة الناجزة.

أما عن الحاجة للقانون من عدمه فقد أوضحت رانده فخر الدين أن ترسانة القوانين الموضوعة تحتاج للمراجعة وتجميع كل ما يرتبط بجريمة العنف ووضعها في قانون واحد وهو ما يسهل تحديد العقوبة ويمنع التحايل والتلاعب بعد توضيح أشكاله، مشيرةً إلى أن المؤسسات النسوية تطالب بقانون العنف الموحد لكونه طوق النجاة من الجرائم التي أصبحت تتفاقم يوماً تلو الآخر.