فاطمة الشاوي: على النساء كسر جدار الصمت تجاه العنف

تستقبل الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء، في الأسبوع الواحد 100 امرأة معنفة، تقدم لهن الدعم النفسي والاستشارة القانونية والإرشاد.

حنان حارت

المغرب ـ أكدت فاطمة الشاوي على ضرورة توعية الضحايا بأشكال ومظاهر العنف، لأن العنف ليس هو الضرب والصفع، بل أيضاً التقليل من شأن وقيمة المرأة هو عنف كذلك، داعية المغربيات إلى كسر جدار الصمت، وعدم إيجاد مبررات للمعنف.

وأوضحت رئيسة الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء فاطمة الزهراء الشاوي، في حوار مع وكالتنا أن بعض النساء تتعرضن للعنف بشكل يومي، ولا تعلمن أن ما يمارس بحقهن هو عنف.

 

في إطار حملة الـ 16يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ما هو برنامج الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء؟

كجميع دول العالم، تنخرط كافة المنظمات النسائية المغربية في هذه المناسبة، فبالإضافة للعمل طوال العام، تعرف هذه الفترة تكتل قوي من قبل المجتمع المدني من أجل تسليط الضوء على خطورة كل أشكال العنف الممارس على النساء.

وعلى مستوى جمعيتنا فخلال هذه الأيام نقوم بتدريبات لفائدة الوافدات على الجمعية، وإطلاق حملات للتوعية بخطورة ظاهرة العنف ضد النساء والتشجيع على التبليغ.

كما أن عملنا خلال هذا العام يتميز بخصوصية لأن المغرب فتح ورش تعديل مدونة الأسرة من أجل رفع الظلم والتمييز ضد النساء.

وتعمل الجمعية على مجموعة من القضايا التي نترافع من أجلها، ألا وهي ظاهرة الاتجار بالبشر إذ نقوم بعمليات توعوية حول قانون الاتجار بالبشر والاتفاقيات الدولية، لاسيما وأن المغرب يعرف هجرة وتوافد عدد من المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء وأيضاً من سوريا.

 

يلاحظ من خلال الإحصائيات المختلفة، أن العنف الزوجي يبقى في قمة الاعتداءات على المرأة، ما هي الأسباب برأيكِ، وكيف يمكن علاج هذه الظاهرة؟

العنف بشكل عام في تصاعد مستمر؛ فالعنف ضد النساء لا يمارس فقط داخل البيوت وفي أماكن العمل، ولكن حتى في الفضاءات العامة.

وبالنسبة للعنف الزوجي فيصنف في قمة الاعتداءات على النساء، لوجود عدة أسباب تتداخل فيما بينها؛ وأولها الاحتكاك اليومي، وتواجد الزوجان في فضاء مغلق، وازدياد الخلافات وانعدام الانسجام والاحترام في العلاقة، وإذا كان الزوج بطبعه عنيفاً، فإن أي رد فعل من المرأة يواجه بتعنيفها.

وخلال الحجر الصحي شهدنا ارتفاعاً في معدلات العنف الزوجي نتيجة الإغلاق الكلي، لهذا يجب تسليط الضوء على الظاهرة لإيجاد حلول جذرية.

ومعالجة الظاهرة يجب أن تنطلق من التربية التي لها دور كبير، لأنها تساهم في تشكيل شخصية الطفل، لتربيته على أساليب المعاملة الحسنة ونبذ العنف، والتركيز على التوعية بخطورة العنف ضد النساء في فضاءات التواصل الاجتماعي، للاقتراب من فئة الشباب التي تستعمل بكثرة هذه المواقع.

كما لا نغفل دور الإعلام في إرساء القيم الإنسانية في البرامج والأعمال الدرامية، ولعب دوره في ترسيخ ثقافة نبذ العنف، كما ينبغي إنشاء مراكز تأهيل المقبلين على الزواج لإرشادهم على الأسلوب الأمثل للحياة الأسرية، وعلى مستوى التعليم يجب إقرار مناهج تربوية في المدارس ترسخ لنبذ ثقافة العنف وجعل التلاميذ والطلاب يعون بمسألة الدفاع عن حقوق النساء.

بالإضافة إلى تكثيف حملات التعريف بالعنف، فهناك من النساء من يمارس عليهن العنف وغير واعيات بذلك، لهذا تبقى الحماية والوقاية والزجر مسألة ضرورية من أجل مناهضة العنف الممارس على النساء.

ورغم أنه لا وساطة مع العنف، لكن نرى أن الوساطة العائلية ممكن أن تجد حلولاً للأسباب التي تؤدي للخلافات بين الزوجين، والتي غالباً ما ينشأ عنها العنف.

 

بعد أربع سنوات تقريباً من صدور قانون حماية النساء من العنف، كيف تقيمين القانون رقم 13 ـ 103، وهل تمكن من الحد من ظاهرة العنف في المجتمع المغربي؟

وجود قانون يحمي النساء من العنف هو في حد ذاته أمر إيجابي، لكن بالرغم من ذلك لا نعتبره قانوناً قائماً بذاته. وإن كان مرور أربع سنوات على إصدار القانون تبقى مدة قصيرة، لكن الواقع والإحصائيات تكشف بالملموس ارتفاع في وتيرة العنف الممارس على النساء، وأن هذا القانون لم يستطع الحد من العنف ولو بنسبة ضئيلة، من خلال ذلك يمكن القول إن هذا القانون لم يقم بالدور المطلوب منه.

فصدور نص يقوم على إتمام وتعديل القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، في الوقت الذي تجمع فيه الأطراف المعنية على ضرورة إصلاحهما، يعكس رؤية تجزيئية ومحدودة، ويتعارض مع مضمون مقتضيات الدستور المغربي.

وبالنظر لذلك فإن المنظمات النسائية، التي تناهض العنف القائم على النوع الاجتماعي، تطالب بقانون خاص وليس تعديلاً للقانون الجنائي.

فالقانون لم يستجب لتطلعات الحركة النسائية في البلاد والفئات المعنية به، خاصةً النساء والفتيات لم يقدم لهن الحماية اللازمة، فلم تتم مواكبته بآليات لتفعيله، لأنه عندما نقول في المجال الجنائي إبعاد المعنف، فما هي الآليات؟، وماذا فعلنا من أجل تفعيل هذا الإبعاد؟، وعندما نقول يجب وضع المعنف في مصحة وإحالته على طبيب نفساني؛ أين هم الأطباء النفسيون الذين سيقومون بهذه المهمة؟ فصحيح أن القانون يعد مكسباً لكنه لم يرق إلى قانون يحمي النساء من العنف في جميع المجالات الخاصة والعامة.

 

تطالب الحركات النسائية والجمعيات التي تناهض العنف ضد النساء، بقانون لضمان معالجة فعلية للعنف ضد النساء، حدثينا عن هذه المساعي؟

نتطلع أولاً إلى أن يكون هناك قانون بالمواصفات الدولية يحمي النساء من العنف بفلسفته وديباجته ومنهجيته، ثانياً ألا يقتصر فقط على الجانب الزجري وأن يتضمن جانباً وقائياً للنساء، وأن توضع له آليات لتفعيله، كما يجب أن تتوفر فيه شروط الوقاية والحماية والزجر.

وصحيح أنه لدينا قوانين متقدمة نوعاً ما، لكن حين تطبيقها تتخلف؛ لأنه لا يتم وضع آليات للتنفيذ بالشكل السليم، كما يجب أن تتم مواكبة النساء ضحايا العنف.

وإذا لم تتوفر تلك الشروط لا يمكن أن يكون هناك قانوناً منصفاً لحماية ضحايا العنف، لأنه عندما يكون هناك قانون، فإن كل مؤسسة تتحمل دورها في مناهضة العنف ضد النساء، لأن العنف لا يهم جهة معينة أو وزارة واحدة، بل هو قضية وطنية تهم جميع المؤسسات والمصالح، وكل مؤسسة ينبغي أن تتحمل مسؤولياتها في الجانب الذي يهمها. مثلاً وزارة الميزانيات ترصد أغلفة مالية مهمة، ثم وزارة التربية والتعليم تعمل على إقرار برامج تربوية وتعليمية لنبذ العنف، ثم وزارة الإعلام تعمل على التوعية عن طريق برامج، وأيضاً الوزارات المعنية بالمواكبة وتبني النساء ضحايا العنف لابد من توفير مراكز تأويهن، فإذا كان لابد من قانون يجب أن يؤطر لجميع هذه الأمور.

 

تستقبل الجمعية النساء ضحايا العنف، ماهي نوعية الخدمات التي تقدمونها لهذه الفئة؟ وماهي نصائحكِ للنساء والأسر التي تطبع مع العنف ولا يستطيعون البوح؟

هناك معاملة خاصة مع النساء ضحايا العنف، يتم استقبالهن في الجمعية، وبعد ذلك يتم الاستماع لها، لمعرفة أسباب ودوافع لجوئها للجمعية لتتم إحالتها بعد ذلك على الاستشارة القانونية أو على الدعم النفسي أو الاثنين معاً إن كانت في حاجتهما.

وبما أن هدفنا داخل الجمعية هو تقوية قدرات النساء، فإننا نعلمهن كيفية الولوج للعدالة، لأن هذا الأمر يعد عائقاً أمام النساء، وفي حال كانت النساء تحتجن لمواكبة المحامي، فآنذاك يمكن للمحامين الذين يتعاملون مع الجمعية مساعدتهن في المحاكم.

وأهم نقطة نعمل عليها هو كسر جدار الصمت، لأن أكبر شيء يواجه النساء هو أنهن لا تكون لديهن القدرة والجرأة على البوح، لأنه لفترة طويلة كان العنف في البلاد من التابوهات، وكانت الأسر تعتبر العنف شأناً داخلياً.

فاليوم على مستوى مركز الاستماع التابع للجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء نستقبل في الأسبوع الواحد حوالي 100 وافدة، تتكلم عن العنف وتبوح به، وهذا الأمر لم يكن في السابق. ولكن رغم الجرأة التي صارت لدى بعض النساء، إلا أن تبقى هناك حالات لا تتجرأ على البوح، وتقدمن مبررات لمعنفهن.

ونصيحتنا لهؤلاء هو ألا تعتبرن العنف شأن أسري، ثم ألا تدخلن في دوامة تحميل أنفسهن مسؤولية العنف؛ فأحياناً يتولد لدى النساء إحساس أنهن سبب العنف الذي يطالهن، لهذا نرى أنه يجب توعية النساء في هذا الجانب؛ لا يجب السكوت عن أي شكل من أشكال العنف، ويجب أن تعلمن أن العنف ليس هو فقط الضرب، بل هناك العنف اللفظي، وأيضاً التقليل من قيمة المرأة هو عنف، وهناك عنف اقتصادي أي عدم الإنفاق على الزوجة.