التغيرات المناخية تؤثر على اقتصاد النساء في مصر

تعد التغيرات المناخية واحدة من أبرز الأزمات التي تأثرت بها الأوضاع الاقتصادية للنساء خلال الفترة الأخيرة، والكثيرات تعرضن للفصل من العمل وأخريات لم تجدن ما تنفقن به على أسرهن وتعد تلك المرأة العاملة في القطاع الزراعي الأكثر تضرراً على الإطلاق.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تعتبر حالة الأراضي الزراعية والمزارعات هي الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية وهو الأمر الذي ارتفع معه معدل أزمات النساء ووقوعهن في قبضة الفقر خاصة المعيلات منهن ممن تعملن في دوائر الزراعة أو حتى التجارة المرتبطة بها، ولم يقف الأمر عند ذلك الحد ولكنه طال أيضاً عدد من الصناعات التي تعرض العمال فيها بشكل مباشر للتسريح من عملهم وفي مقدمتهم النساء بصفتهم العنصر الأكثر تهميشاً في السوق المحلي.

وفي الوقت الذي راحت فيه بعض النساء تبحثن عن بدائل وجدن أخريات وقعن فرائس الاستدانة للإنفاق على مشاريعهن المتعثرة بفعل التغيرات المناخية وبصفة عامة باتت الأسرة المصرية تدفع ضريبة تلك الأزمة العالمية وانخفض معدل دخلها بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة. 

 

النساء لهن النصيب الأكبر من توابع التغيرات المناخية السلبية

قالت دكتورة المتخصصة في مجال علم نفس تربوي والموجهة بوزارة التربية والتعليم فاطمة منصور، إن التغيرات المناخية أثرت على العالم أجمع، إلا أن النساء على الصعيد الاقتصادي كان لهن النصيب الأكبر من توابعها.

وأوضحت أن المصريات تأثرن بالأزمة المناخية التي هزت الاقتصاد، لافتة إلى أن حجم الإنتاج وتحديداً في مجال الزراعة تراجع بشكل ملحوظ مما جعل الأمر أكثر صعوبة عليهن وزاد من حجم معاناتهن المتعددة الأبعاد والتي يأتي في مقدمتها تلك المبنية على النوع الاجتماعي، وعلى صعيد آخر تتحمل المرأة عادة تكلفة الأزمات بشكل عام سواء كانت مناخية أو اقتصادية أو حتى السياسي منها.

وأشارت إلى أن المرأة تتأثر اقتصادياً بشكل مباشر لأن تقليل عدد العمالة عادة ما يتبعه اختيار أغلبهن من النساء باعتبارهن الطرف الأضعف في المعادلة السوقية، مضيفةً أن رفع أسعار السلع يؤثر على ميزانية الأسرة التي تتحملها المرأة حتى في ظل وجود الرجل والأمر له تأثير مضاعف إن كانت هي المسؤولة عن إعالة الأطفال.

 

 

صاحبات المشاريع الصغيرة والحيازات الزراعية الأكثر تضرراً

وأكدت أن عدد ليس بالقليل من النساء لديهن مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر وهناك حالة من التعثر فرضتها التغيرات المناخية خاصة في الأعمال المرتبطة بالقطاع الزراعي جعلت العديدات تعانين من عدم القدرة على توفير دخل مناسب للأسر.

واعتبرت أن المزارعات وأصحاب الحيازات الزراعية الأكثر تضرراً لأنهن تعانين في مختلف المراحل بداية من ضعف الانتاج وصولاً لتسريح العاملات نتيجة نقص المحصول وكذلك بسبب ارتفاع مدخلات الإنتاج الزراعي ومنها السماد على سبيل المثال.

وعن التأثر المباشر للنساء بالأزمات أوضحت، أن المرأة عمود الأسرة فهي القائمة على كامل أمورها ولذلك يقع عليها تبعات مختلف الأزمات وهي من تتحمل المسؤولية سواء في رعاية الأطفال أو توفير الاحتياجات أو حتى الدخل نفسه في عدد ليس بالقليل من الأسر المصرية.

 

عدد كبير من المصانع توقفت والتغيرات المناخية من أبرز الأسباب

وقالت رئيس مجلس رائدات المستقبل سحر منصور، إن طبيعة عملها مع النساء جعلتها تدرك عن قرب معاناتهن، فلم يعد هناك عمل للرجال مؤخراً وأصبحت الكثيرات منهن خاصة في مركز الصف "محافظة الجيزة" هن من تقمن بالبحث عن عمل ومصدر دخل للأسر.

وأضافت أنه في محيطها داخل المركز ارتفع معدل العنف بشكل ملحوظ داخل الأسرة، وأن التغيرات المناخية أحد أبرز الأسباب التي أدت لذلك "وجدت أسر تأتي بأطفالها وترغب في تزويج البنت صغيرة السن نتيجة نقص الدخل وضعف الحال، والنساء خرجن للبحث عن عمل بعد إغلاق عدد كبير من المصانع بسبب تغيرات المناخ".

وعن إغلاق المصانع وتأثرها بالمناخ قالت، أن العمل في مركز الصف بالأساس على مصانع الطوب وقد أغلق عدد كبير منها تأثراً بالأزمة الاقتصادية وتوابع التغيرات المناخية وارتفع مع ذلك معدل السرقات في القرى الصغيرة، مشيرةً إلى إن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد بل أن الأراضي الزراعية أيضاً تقلصت بشكل ملحوظ نتيجة زيادة تكلفة الإنتاج، وبالتالي قرر الكثيرون بيعها أو تحويلها لمباني وهو ما أسفر عن تضرر العاملات في الزراعة على الصعيد الاقتصادي وكذلك النفسي.

 

 

مؤتمر المناخ سيساهم في إيجاد حلول لأزمة التغيرات المناخية

وأوضحت أن مؤتمر المناخ المنعقد في شرم الشيخ سيكون له تأثير مباشر على الأزمة وسيساهم في إيجاد حلول لها نتيجة ما سيتبادله الحضور من مختلف دول العالم حولها فضلاً عن الرغبة الحقيقية في الوقوف على الأسباب والعمل المشترك، وعبرت عن تفاؤلها بنتائجه مؤكدة أنه قد يخفف نسبياً من وطأة التأزم الاقتصادي ولكنه لن يأتي بمردود سريع لأن الأمر يتطلب وعي أكثر بقضايا المناخ وسبل الحفاظ على البيئة على مستوى الأسر والأفراد.

وأوضحت إنه طوق النجاة المنتظر أن يخلص مصر والعالم من الأزمات التي أربكت الجميع وأثرت على النساء، معتبرةً أن الوقوف على حلول التداعيات المبنية على أزمة المناخ جعل الجميع يترقبون نتائج تلك القمة الرئاسية التي حرص العالم أجمع على التعاطي معها.