صفحات منسية من تاريخ المرأة المصرية في مصر القديمة

الوثائق والكتابات التاريخية المكتشفة ازاحت الستار عن فترة تاريخية مهمة من حياة نساء مصر تمتد لأكثر من سبعة آلاف عام.

مركز الأخبار ـ وثقت الكثير من الآثار والوثائق التاريخية التي عثر عليها الباحثون وعلماء الأثار الحياة في مصر، ففي عام 1912 اكتشفت بعثة ألمانيا تمثال الملكة نفرتيتي في تل العمارنة يعود عمره إلى أكثر من 3300 عام.

وفي عام 1900 اكتُشفت مقبرة الملكة مريت نيت في منطقة أبيدوس الاثرية يعود تاريخها لـ 2900 عام.

الوثائق والكتابات التاريخية المكتشفة ازاحت الستار عن فترة تاريخية مهمة من حياة نساء مصر تمتد لأكثر من سبعة آلاف عام. كان للنساء حقوق ملكية خاصة بهن، وعقود زواج مشتركة تحترمهن وتعطيهن حقوقاً مساوية للرجل. الحقوق الاجتماعية، التملك، التبني، تحرير العبيد، التقدم بشكاوى، إبرام العقود، والشهادة وغيرها.

تساوت النساء مع الرجال في طقوس الدفن، فكما أن هنالك وادي للملوك الفراعنة هناك وادي آخر للملكات الذي يعود تاريخه للعام (1070 ق.م). تم اكتشافه في العام 1903.

تشكلت امبراطورية عظيمة حول نهر النيل بفضل المرأة، تعود تلك الحضارة إلى العام 3150 ق.م، حتحور، إيزيس، واسماء كثيرة لآلهة إناث خير دليل على أن للمرأة مكانة عظيمة في تلك الفترة.

مع ظهور مفاهيم كالسلطة والطبقية اقصيت النساء، لم يحكمن بشكل منفرد، لم تحصل إي ملكة على لقب فرعون، النساء اللواتي حكمن كن يقمن بدور الوصاية على العرش، أو كن شريكات لأزواجهن الفراعنة أمثال حتشبسوت التي حكمت في الفترة الممتدة ما بين (1458ـ1473ق.م) كوصية على ابنها الذي كان ما يزال صغيراً، ونفرتيتي أقوى النساء في مصر والتي حكمت إلى جانب زوجها أخناتون فرعون الأسرة الثامنة عشر، هذه الأسرة التي حكمت البلاد ما بين أعوام (1550ـ1292 ق.م).

أصبحت المرأة جزءاً من الميراث، وصاية الرجل عليها وزواج القاصرات وكذلك القتل بداعي الشرف، وتعدد الزوجات انتشرا في ذلك الوقت ايضا. كما ويُظهر فحص لجثث محنطة لـ "الموميات"، قبل خمسة آلاف سنة ممارسة الختان.

 

المرأة في الديانات التوحيدية

قبل ظهور اليهودية في البلاد كانت بنية المجتمع المصري قد تغيرت بشكل كبير؛ جراء تأثره بالحضارات الأخرى مثل الحضارتين اليونانية والرومانية، أجبرت النساء على تقديم التنازلات، لم يكن للمرأة أي دور في السياسة بعد أن سحبت منها جميع صلاحياتها في المعبد وجردت من مناصبها الدينية.

اليهودية تأثرت بشكل كبير بالحضارات القديمة وكذلك بالأنبياء الأسبقين مثل يوسف فنسخت عنها بعض التشريعات الخاصة بالمرأة، النساء حرمن من الميراث في حال كان لديهن اشقاء ذكور، كما بينت حادثة نساء من عشيرة "منسى بن يوسف" اللواتي عارضن حرمانهن من الميراث. هؤلاء النساء لم يكن لهن أخ ذكر فجاء في نص التوراة أنه "أيما رجل مات وليس له أبن تنقلون ملكه إلى ابنته". الشريعة اليهودية اعطت الرجل حق الطلاق بشكل مطلق إلا في حالات خاصة تستطيع المرأة طلب الطلاق فيها، كما شرع الفقه اليهودي قتل المرأة "الخائنة".

تأثرت المسيحية بالثقافات الأبوية الموجودة فكان أن احتكر الرجال أرفع المناصب الكهنوتية التي لم تكن موجودة أصلاً في عهد يسوع، البابا، البطريرك، الأسقف مناصب كهنوتية يحتكرها الرجال، بإمكان المرأة أن تكون راهبة لا غير. لا يمكن للمرأة ولا للرجل طلب الطلاق، في إنجيل متى ينص الإصحاح الخامس على أن "من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق"، وهذا ما يعني أن الطلاق وإن حصل فهو مرهون بإرادة الرجل.

 

التأثير الإسلامي... الخلافة

الدين الإسلامي وفي كافة مراحله كان صاحب التأثير الأكبر على الحياة في مصر، منذ دخول العرب المسلمين إلى البلاد عام 641 م وحتى اليوم. الخلافات التي تعاقبت على البلاد تشابهت في معظمها حول دور ومكانة المرأة مع وجود فروقات بسيطة فيما بينها.

قيد الإسلام الطلاق والزواج واعطى المرأة حق التملك والعمل، وحدد سناً لحضانة الأطفال. لم يكن منع الاختلاط موجوداً كما هو الحال اليوم في المجتمعات الإسلامية الأكثر تشدداً. مع ذلك لم يستطع إنهاء العديد من الظواهر بل عزز مفهوم الشرف وانتقص من حق المرأة في الميراث. 

في الدولة الأموية التي امتدت في مصر من عام 969م وحتى عام 1171م حصلت المرأة على مجموعة من الامتيازات من حيث حق التملك والميراث، لكنها لم تحكم البلاد ولم تستلم الخلافة أبداً، زوجات الخلفاء وجواريه استطعن تغيير العديد من سياسات البلاد وأهمها ولاية العهد أمثال عاتكة بنت يزيد زوجة الخليفة عبد الملك بن مروان التي نقلت ولاية العهد من عبد العزيز بن مروان إلى أولادها، وكانت صاحبة شخصية قوية حيث أنها هددت الحجاج أبن يوسف الثقفي. الجواري ايضاً أثرن على سياسة البلاد أمثال حبابة جارية الخليفة يزيد ابن عبد الملك، يقال في كتب التاريخ أن الخليفة ترك لها التصرف بشؤون الحكم، فكانت تعيين وتعزل الولاة وتبت في أمور كثيرة تعد من سلطات الخليفة.

ست الملك (970ـ1023م) اسم لمع في الدولة الفاطمية هي ابنة الخليفة العزيز بالله، يعتبر المؤرخون أنها حكمت الدولة الفاطمية من خلال تقديم المشورة لشقيقها الحاكم بأمر الله الذي تولى الحكم بسن صغيرة، وعملت كوسيط بينه وبين الشعب، وثق الشعب بها فكان يقدم لها الشكاوى ضد الخليفة، ابعدت شقيقها عن العرش بعد اصداره قرارات مجحفة بحق النساء، منعهن فيها من مغادرة منازلهن سواء في الليل أو في وضح النهار.

استخدمت المرأة لعقد الصلح بين المسلمين وأعدائهم من خلال الزواج السياسي كما فعل الظاهر بيبرس في سبيل تقوية العلاقات ما بين المماليك والمغول بزواجه من أبنة أحد قادتهم، السلطان المنصور قلاوون تزوج من أشلون خاتون المغولية التي عرفت فيما بعد بأم الناصر.

من الاسماء المعروفة تاريخياً وشهيرة حتى اليوم اسم شجرة الدر التي حكمت الدولة المملوكية ثمانين يوماً. شجرة الدر المرأة التي هزمت الصليبيين واستطاعت احتجاز لويس التاسع عشر، تخلت عن الحكم بعد الرفض الكبير الذي لاقته، الخليفة العباسي المستعصم بالله قال في رسالة إلى المماليك "إذا لم يكن لديكم رجال سأرسل لكم رجلاً".

 

مشاركة النساء في الثورة

تقدمت المرأة صفوف الثورة لإنهاء الاحتلال والدفاع عن وطنها، ضاربة بعرض الحائط مفاهيم المجتمع البالية فشاركت في مقاومة المحتل العثماني وقاومت المحتل الفرنسي والبريطاني أيضاً.

على مدى أكثر من 300 عام من سيطرة العثمانيين على مصر (منذ عام 1517م) سادت النظرة الدونية للمرأة خاصة بعد انتشار "الحرملك" المستقدم من تركيا. استمر تعدد الزوجات ونظام الجواري. فيما عاشت نساء العامة في فقر مدقع.

انتشر النقاب بشكل كبير خلال فترة الاحتلال العثماني وألزمت النساء بارتدائه. زواج القاصرات كان ما يزال موجوداً بين العامة وفي القصر أيضاً، الزواج السياسي وجرائم الشرف كذلك.

أصدر السلطان سليم الأول (1512 ـ 1520) أول خليفة عثماني قوانين تنص على أنه "إذا ارتكبت الجارية البغاء تدفع نصف غرامة المرأة الحرّة" وهو ما يدل على أن البغاء كان مسموحاً به بشرط دفع مبلغ مالي. بحسب وثائق الدولة العثمانية سجلت النساء اللواتي تم استغلالهن للعمل في الدعارة عام 1565 بشكل رسمي باعتباره عملاً مشروعاً.

اقتصر التعليم في "الكُتاب" على الأطفال الذكور. أجبرت النساء كما الرجال على العمل بالسخرة، حتى أولئك الحوامل واللاتي لديهن ظروف خاصة.

أجبرت ممارسات المحتل العثماني الشعب المصري على إشعال الثورات. ما بين عامي (1801ـ1805) شاركت النساء في حركات الاحتجاج ضد السياسة المالية للباشوات العثمانيين، خرجن في مظاهرة ضخمة احتجاجاً على المبالغة في فرض الضرائب.

النساء شاركن في الثورة ضد المحتل الفرنسي. الفرنسيون اعترفوا في تقاريرهم المقدمة عن الحملة أن النساء كن حاضرات بقوة للتصدي لقواتهم. لويس دي بورين السكرتير الخاص لنابليون بونابرت قال ان الأخير كاد أن يفقد حياته في اليوم الأول لدخول قواته إلى مصر عام 1798م عندما أُطلق الرصاص عليه من قبل رجل وامرأة ولم يتوقف إطلاق النار حتى هاجم الفرنسيون المنزل وقتلوا الرجل والمرأة.

زاد وعي النساء بحقوقهن من خلال المجلات النسائية والصالونات الثقافية التي انتشرت في تلك الفترة فكان أن شاركن وبقوة في ثورة عام 1919 ضد الاحتلال البريطاني. في تلك الثورة سقطت أول شهيدة وهي حميدة خليل، أنهى رصاص العدو حياتها في السادس عشر من آذار/مارس، لكن تلك الرصاصة أطلقت شرارة الثورة. وتكريماً لها حددت مصر تاريخ استشهادها كيوم للمرأة المصرية يحتفل به كل عام. كما استشهدت شفيقة محمد وهي تحمل العلم المصري بيد وبيان الاحتجاج باليد الأخرى.

النساء قاطعن لجنة "ملنر" التي شكلها الاحتلال البريطاني لمعرفة أسباب الثورة، كما ساهمن في حملة مقاطعة البضائع الأجنبية. من خلال هذا الدور البارز أعادت المرأة لنفسها مكانتها الطبيعية في المجتمع بعد سنوات من التقهقر.

شاركت النساء كمقاتلات في الميدان ومسعفات في المعسكرات وفي المظاهرات والإضرابات أيضاً من بين الاسماء الأكثر شهرة صفية زغلول زوجة سعد زغلول لقبت بأم المصريين لما قدمته من دعم للثورة، وتعرف ايضاً زينب محمد مراد أو سيزا نبراوي إحدى رائدات الحركة النسوية شاركت في تنظيم أول مظاهرة نسائية ضد الاحتلال الإنكليزي. النساء شاركن في الجمعيات السرية التي مهدت للثورة العُرابية كجمعية حلوان وحركة مصر الفتاة كما شاركن في توزيع المنشورات.