مكاسب وإخفاقات... مصر تفتتح أول مدرسة للفتيات في الشرق الأوسط

تطورت الحياة في القرنين 19 و20 وعرفت مصر الحركة النسوية بشخص هدى شعراوي التي تعد رائدة الحركة النسوية في البلاد، وكان للعديد من النساء دورهن في إثبات شخصية المرأة من خلال العمل والفن والأدب ومختف المجالات.

مركز الأخبار ـ تطورت الحياة في القرن التاسع عشر، فالطبقة الميسورة والوجهاء عملوا على استقدام المعلمات من الخارج لتدريس بناتهم. انتشرت بعض المدارس الخاصة كتلك التي أسسها الأقباط عام 1860، ومدرسة "المولدات" التي أسسها الوالي العثماني محمد علي واختصت بتخريج القابلات.

عام 1873 افتتحت مدرسة "السَنيّة"، كانت هي المدرسة الحكومية الأولى في الشرق الأوسط. الجمعية الخيرية وفي نفس العام أسست مدرسة اليقظة النسائية والتي ضمت 200 طالبة داخلية ومئة طالبة خارجية. 

انتشرت لكنها لم تؤثر، فعلى أهميتها لم تستطع المدارس تغيير حياة النساء، تجارة الرقيق ظلت موجودة حتى أوائل القرن العشرين. ولم تنتهي إلا عندما وقعت مصر في عام 1926 على اتفاقية إلغاء الرق والعبودية في جنيف.

الطلاق التعسفي وتعدد الزوجات لم ينتهيا وكذلك تعنيف النساء والأطفال، الضرب بالعصا وبالسوط كانا منتشرين، وبالطبع تزويج القاصرات.

ألغي التعليم المجاني فكان أن اقتصر على أبناء الأغنياء، انحصر تعليم الفتيات والنساء على الأشغال اليدوية كالخياطة والتطريز حتى أن نسبة الأمية بين الإناث وصلت إلى 98%. الأديب المصري قاسم أمين كتب عن تبعات حرمان المرأة من التعلم وقال في كتابه المعنون بـ "تحرير المرأة" والصادر عام 1899م أن النساء على اختلاف طبقاتهن الاجتماعية تساوين بالجهل. تحولن إلى مستهلكات وهو ما ساعد الرجل على سلب حقوقهن والتحكم بهن.

من عام 1805 بدأ العصر الحديث في مصر هذا إن صح القول بأنه حديث خاصة بالنسبة لأوضاع النساء. الأنظمة العديدة التي سيطرت على الحكم اتفقت جميعها على انكار المرأة واستعبادها من خلال فرض فكر معادي لها وقوانين ذكورية، فما بين حكم ديني وآخر علماني عانت المرأة بشكل كبير.

استطاع دستور البلاد لعام 1923 حمل ثمار مشاركة المرأة في الحراك الجماهيري إذ أنه نص على المساواة بين جميع المواطنين رجالاً ونساءً. في تلك السنوات تألفت أول هيئة خاصة بالنساء متمثلة بالاتحاد النسائي اسسته هدى شعراوي في عام 1923. أولى الجمعيات النسائية كانت جمعية المرأة الجديدة عام 1919.

هدى شعراوي رائدة الحركة النسوية في مصر كان لها فضل كبير في تقدم الحركة النسوية المصرية، حملت على عاتقها قضية تحرير المرأة. الاتحاد النسائي برئاستها نشط بشكل كبير بعد تملص قادة الثورة "الرجال" من وعودهم فيما يخص حقوق المرأة.

آمنت هدى شعراوي بحقوق المرأة فكان أن افتتحت مدارس للفتيات على نفقتها الخاصة، وأوفدت البعثات النسائية إلى جامعات أوروبا من الفتيات اللواتي تخرجن من مدرسة المولدات.

حوربت هدى شعراوي من خلال الاتحاد النسائي الذي كانت تترأسه، الرافضون لحقوق المرأة وهم كثر اتخذوا في دعواهم ضد الاتحاد حجة أنه يدعو إلى السفور خاصة بعد أن خلعت هدى شعراوي النقاب في عام 1921، كان من بين المعادين لحركة التحرر النسائية حركة الإخوان المسلمين التي كانت قد تأسست حديثاً.

واجهت الدفعة الأولى من الفتيات اللواتي تخرجن من الثانوية عام 1930 عراقيل عديدة، مُنعن من الالتحاق بالجامعة التي افتتحت عام 1908 وكانت مخصصة للذكور. بعد معاناة استطاعت 13 فتاة الالتحاق بالتعليم الجامعي، ثم حوربن أيضاً بعد تخرجهن. الرجال الذين اعتادوا على رؤية المرأة في المنزل تغسل وتمسح وتعتني بالأطفال كان صعباً عليهم تقبلهن طبيبات ومحاميات.

حملت الكثير من الحقوقيات النسويات راية هدى شعراوي منهن الناشطة الحقوقية المعروفة نوال السعداوي، وماجدة عدلي التي كانت شاهدة على حادثة الأربعاء الأسود المشؤومة في عام 2005.

المرأة المصرية ابداع وتميز

استطاعت العديد من النساء العمل في مجالات مختلفة في القرن الواحد والعشرين وبرزت بعض الأسماء منهن سميرة موسى (1917ـ1952) أول عالمة ذرة مصرية.

المخترعة رنا القليوبي قامت من خلال شركة إفيكتيفا للتقنيات بعمل اختراع يجعل اجهزة الكمبيوتر تتعرف على الشعور الإنساني، وهي تعمل حالياً كمدير تنفيذي للشركة، كما وتعد من أبرز سيدات الأعمال في الشرق الأوسط.

إيمان غنيم عالمة الجيولوجيا اكتشفت بحيرة كبيرة قديمة مدفونة تحت رمال الصحراء الكبيرة في منطقة شمال دارفور في السودان في عام 2007.

أما في الفن والأدب ابدعت النساء، شاركن في السينما منذ تأسيسها عام 1927. الفن في مصر قديم قدم الحضارة، والمرأة جزء لا يتجزأ من تاريخ مصر الفني.

قديماً، النساء كُن يشكلن فرق للغناء في المعابد ويستخدمن الآلات الموسيقية المتواجدة. شكلت النساء فرقة "الراقصات المحترفات" التي تتجول بين المدن والقرى. من أشهر المسرحيات كانت مسرحية الآلهة إيزيس وهي تبحث عن أشلاء زوجها الإله أوزوريس.

اندثرت الفنون بعد سيطرة الكنيسة على الحياة. أما في القرن العشرين، وبعد استعادة الفن لأمجاده تألقت الفنانات في السينما وفي الغناء، ما تزال أسماء العديد منهن راسخة في أذهان أجيال اليوم وربما أجيال المستقبل أيضاً.

أبدعت النساء في المسرح مع أنهن كن ممنوعات من التمثيل. منيرة المهدية فتحت الباب للنساء كي يقدمن أدواراً على المسرح منذ أن وقفت على خشبته عام 1915.

عزيزة أمير هي صاحبة الفضل في إنتاج أول فيلم سينمائي، نجحت في إنجاز ما عجز عنه الرجال. وكذلك آسيا داغر التي لقبت بعميدة المنتجين. منذ منتصف القرن العشرين برزت اسماء لامعة في سماء السينما المصرية أمثال نادية لطفي، شادية، فاتن حمامة، إلهام شاهين وغيرهن الكثير.

مع ذلك فشلت السينما في تقديم قضايا المرأة، السينما التي تدار من قبل الذهنية الذكورية اعتمدت بشكل كبير على الصورة النمطية للمرأة. عملت على تشويه صورة المرأة الثائرة كما في فيلم "مراتي مدير عام" الذي أنتج عام 1966 ولعبت الفنانة شادية دور البطولة فيه.

أثرت السلطة كذلك على طريقة طرح قضايا المرأة، بعد ثورة الضباط الأحرار، بدأت تتغير النظرة التقليدية، قُدمت أفلام حول قضية المساواة بين الجنسين نذكر منها فيلم "الأستاذة فاطمة" الذي أنتج عام 1952 كان على عكس فيلم شادية السابق حيث أنه قدم عمل المرأة على أنه حق من حقوقها.

في السنوات الأخيرة كانت قضايا المرأة المصرية أكثر الحاحاً، تأخر الزواج، التحرش، وكشوف العذرية موضوع ساخن للطرح، فكان أن أنتج فيلم "بنتين من مصر" عام 2010 والذي أثار جدلاً كبيراً رغم قربه من الواقع المعاش، لعبت كل من الفنانتين زينة وصبا مبارك دور البطولة فيه. بشكل عام فإن الافلام المتعلقة بقضايا المرأة قليلة مقارنة بالإنتاج السينمائي المصري.

في مجال الأدب برزت أسماء عديدة منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وضعن بصمتهن في مجالي الأدب والشعر، أبرزهن الشاعرة عائشة التيمورية التي نظمت الشعر بعدة لغات. تحدثت الكاتبات عن قضايا المرأة في مؤلفاتهن منهن الروائية والقاصة أليفة رفعت التي انتقدت التسلط الذكوري، وكذلك لطيفة الزيات، نوال السعداوي وهي الكاتبة والناشطة الحقوقية المخضرمة ما تزال تدافع عن قضايا المرأة رغم كل النقد الذي طالها والذي وصل حد المطالبة بسحب الجنسية المصرية منها.